ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم صورة سورة القرآن، فالقرآن باطنه وهو ظاهره لأنه خلقه لا قول له ولا فعل إلا به، فكان كأنه هو، أبدل منه قوله:
nindex.php?page=treesubj&link=28902_29680_29785_30386_30387_30415_30503_34134_34135_34225_34274_29036nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11رسولا على أن الأمر فيه غي عن تأويل، فإن الذكر بكسر الذال في اللغة كما في القاموس من الرجال القوي الشجاع الأبي، ثم بين كونه ذكرا بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يتلو أي يتابع أن يقص
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11عليكم آيات الله أي دلائل الملك الأعظم ذي الجلال والإكرام الظاهر جدا حال كونها
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11مبينات أي لا لبس فيها بوجه.
[ ص: 169 ] ولما تبين أن الذكر والرسول صارا شيئا واحدا، وعلم ما في هذه المراسلة من الشرف، أتبع ذلك بيان شرف آخر ببيان ثمرة إنزاله فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11ليخرج الذين آمنوا أي أقروا بالشهادتين
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11وعملوا تصديقا لما قالوه بألسنتهم وتحقيقا لأنه من قلوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11الصالحات من الأعمال
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11من الظلمات أي النفسانية والأخلاق الرذيلة المؤدية إلى ظلمة الجوارح بعملها الظلم وانتشارها في السبل الشيطانية
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11إلى النور الروحاني
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي الخالص الذي لا دنس فيه بسلوك صراط الله الذي هو [ واحد -] لا شتات فيه وبين لا لبس فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل كما بادروا إلى إخراج أنفسهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ومن فساد الأعمال الصالحة [ إلى سداد الأعمال الصالحة -]، وذلك بأن يصيرهم متخلقين بالقرآن ليكونوا مظهرا [ له -] في حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأفعالهم فيكونوا ذكرا.
ولما كان التقدير: فمن آمن بالله وعمل صالحا شاهد بركات ذلك في نفسه عاجلا، عطف عليه بيانا لسعادة الآجلة قوله تعالى:
[ ص: 170 ] nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11ومن يؤمن بالله أي يجدد في كل وقت على الدوام الإيمان بالملك الأعلى بأن لا يزال في ترق في معارج معارفه
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11ويعمل على التجديد المستمر
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11صالحا لله وفي الله فله دوام النعماء، وهو معنى إدخاله الجنة، ولما كان قد تقدم قريبا في آية التقوى أنه يكفر عنه سيئاته، قال شارحا لقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=5ويعظم له أجرا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يدخله أي عاجلا مجازا بما يتيح له من لذات العرفان ويفتح له من الأنس آجلا حقيقة
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11جنات أي بساتين هي في غاية ما يكون من [ جمع -] جميع الأشجار وحسن الدار، وبين دوام ريها بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11تجري وبين انكشاف كثير من أرضها بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11من تحتها أي تحت غرفها
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11الأنهار أو [ هو -] كناية عن أن أرضها في غاية الري بحيث إن ساكنها يجري في أي موضع أراد [ نهرا، و -]إلى زيادة عظمتها أشارت قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر بنون العظمة.
ولما أفرد الشرط والجزاء إجراء على لفظ "من" إشارة إلى أنه لا يشترط [ في -] الإيمان ولا [ في -] جزائه مشاركة أحد، وأنه لا توقف للقبول على شيء غير الوصف المذكور، جمع الحال بشارة
[ ص: 171 ] بأن الداخلين كثير، وأن الداخل إلى دار الكرامة لا يحصل له هوان بعد ذلك أصلا فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11خالدين فيها وأكد معنى الخلود ليفهم الدوام بلا انقضاء فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11أبدا ولما أعلم أن الخلود لكل الداخلين إلى الجنة رجع إلى الأسلوب الأول تنصيصا على كل فرد إبلاغا في عظمة هذا الجزاء بقوله نتيجة لذلك، منبها على أن هذه النتيجة من حقها أن يتوقع قولها [ من -] كل من سمع هذه البشرى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11قد أحسن الله أي الملك الأعلى ذو الجلال والإكرام
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11له أي خاصة
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11رزقا أي عظيما عجيبا، قال
القشيري: الرزق الحسن ما كان على حد الكفاية لا نقصان فيه يتعطل عن أموره بسببه ولا زيادة تشغله عن الاستمتاع بما رزق لحرصه، كذلك أرزاق القلوب أحسنها أن يكون له من الأحوال ما يستقل بها عن غير نقصان ولا يتعذب بتعطشه ولا يكون زيادة فيكون على خطر من مغاليط لا يخرج منها إلا بتأييد من الله سماوي.
وَلَمَّا كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُورَةَ سُورَةِ الْقُرْآنِ، فَالْقُرْآنُ بَاطِنُهُ وَهُوَ ظَاهِرُهُ لِأَنَّهُ خَلْقُهُ لَا قَوْلَ لَهُ وَلَا فِعْلَ إِلَّا بِهِ، فَكَانَ كَأَنَّهُ هُوَ، أَبْدَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=treesubj&link=28902_29680_29785_30386_30387_30415_30503_34134_34135_34225_34274_29036nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11رَسُولا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ غِيٌّ عَنْ تَأْوِيلٍ، فَإِنَّ الذِّكْرَ بِكَسْرِ الذَّالِ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ مِنَ الرِّجَالِ الْقَوِيُّ الشُّجَاعُ الْأَبِيُّ، ثُمَّ بَيَّنَ كَوْنَهُ ذِكْرًا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يَتْلُو أَيْ يُتَابِعُ أَنْ يَقُصَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ أَيْ دَلَائِلَ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الظَّاهِرِ جِدًّا حَالَ كَوْنِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11مُبَيِّنَاتٍ أَيْ لَا لَبْسَ فِيهَا بِوَجْهٍ.
[ ص: 169 ] وَلَمَّا تَبَيَّنَ أَنَّ الذِّكْرَ وَالرَّسُولَ صَارَا شَيْئًا وَاحِدًا، وَعَلِمَ مَا فِي هَذِهِ الْمُرَاسَلَةِ مِنَ الشَّرَفِ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بَيَانَ شَرَفٍ آخَرَ بِبَيَانِ ثَمَرَةِ إِنْزَالِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ أَقَرُّوا بِالشَّهَادَتَيْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11وَعَمِلُوا تَصْدِيقًا لِمَا قَالُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَتَحْقِيقًا لِأَنَّهُ مِنْ قُلُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11الصَّالِحَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11مِنَ الظُّلُمَاتِ أَيِ النَّفْسَانِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى ظُلْمَةِ الْجَوَارِحِ بِعَمَلِهَا الظُّلْمِ وَانْتِشَارِهَا فِي السُّبُلِ الشَّيْطَانِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11إِلَى النُّورِ الرُّوحَانِيِّ
nindex.php?page=showalam&ids=14798الْعُقَيْلِيِّ الْخَالِصِ الَّذِي لَا دَنَسَ فِيهِ بِسُلُوكِ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ [ وَاحِدٌ -] لَا شَتَاتَ فِيهِ وَبَيِّنٌ لَا لَبْسَ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ كَمَا بَادَرُوا إِلَى إِخْرَاجِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ، وَمِنْ فَسَادِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ [ إِلَى سَدَادِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ -]، وَذَلِكَ بِأَنْ يُصَيِّرَهُمْ مُتَخَلِّقِينَ بِالْقُرْآنِ لِيَكُونُوا مَظْهَرًا [ لَهُ -] فِي حَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ فَيَكُونُوا ذِكْرًا.
وَلَمَّا كَانَ التَّقْدِيرُ: فَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا شَاهَدَ بَرَكَاتِ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ عَاجِلًا، عَطَفَ عَلَيْهِ بَيَانًا لِسَعَادَةِ الْآجِلَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
[ ص: 170 ] nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ أَيْ يُجَدِّدُ فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَى الدَّوَامِ الْإِيمَانَ بِالْمَلِكِ الْأَعْلَى بِأَنْ لَا يَزَالَ فِي تَرَقٍّ فِي مَعَارِجَ مَعَارِفِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11وَيَعْمَلْ عَلَى التَّجْدِيدِ الْمُسْتَمِرِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11صَالِحًا لِلَّهِ وَفِي اللَّهِ فَلَهُ دَوَامُ النَّعْمَاءِ، وَهُوَ مَعْنَى إِدْخَالِهِ الْجَنَّةَ، وَلَمَّا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي آيَةِ التَّقْوَى أَنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ، قَالَ شَارِحًا لِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=5وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يُدْخِلْهُ أَيْ عَاجِلًا مَجَازًا بِمَا يُتِيحُ لَهُ مِنْ لَذَّاتِ الْعِرْفَانِ وَيَفْتَحُ لَهُ مِنَ الْأُنْسِ آجِلًا حَقِيقَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11جَنَّاتٍ أَيْ بَسَاتِينَ هِيَ فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنْ [ جَمْعِ -] جَمِيعِ الْأَشْجَارِ وَحُسْنِ الدَّارِ، وَبَيْنَ دَوَامِ رَيِّهَا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11تَجْرِي وَبَيْنَ انْكِشَافِ كَثِيرٍ مِنْ أَرْضِهَا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11مِنْ تَحْتِهَا أَيْ تَحْتَ غُرَفِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11الأَنْهَارُ أَوْ [ هُوَ -] كِنَايَةٌ عَنْ أَنَّ أَرْضَهَا فِي غَايَةِ الرَّيِّ بِحَيْثُ إِنَّ سَاكِنَهَا يَجْرِي فِي أَيِّ مَوْضِعٍ أَرَادَ [ نَهْرًا، وَ -]إِلَى زِيَادَةِ عَظْمَتِهَا أَشَارَتْ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٍ nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنِ عَامِرٍ بِنُونِ الْعَظَمَةِ.
وَلَمَّا أَفْرَدَ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ إِجْرَاءً عَلَى لَفْظِ "مِنْ" إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ [ فِي -] الْإِيمَانِ وَلَا [ فِي -] جَزَائِهِ مُشَارَكَةَ أَحَدٍ، وَأَنَّهُ لَا تُوقَفُ لِلْقَبُولِ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ، جَمَعَ الْحَالَ بِشَارَةً
[ ص: 171 ] بِأَنَّ الدَّاخِلِينَ كَثِيرٌ، وَأَنَّ الدَّاخِلَ إِلَى دَارِ الْكَرَامَةِ لَا يَحْصُلُ لَهُ هَوَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَصْلًا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11خَالِدِينَ فِيهَا وَأَكَّدَ مَعْنَى الْخُلُودِ لِيَفْهَمَ الدَّوَامَ بِلَا انْقِضَاءٍ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11أَبَدًا وَلَمَّا أَعْلَمَ أَنَّ الْخُلُودَ لِكُلِّ الدَّاخِلِينَ إِلَى الْجَنَّةِ رَجَعَ إِلَى الْأُسْلُوبِ الْأَوَّلِ تَنْصِيصًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ إِبْلَاغًا فِي عَظَمَةِ هَذَا الْجَزَاءِ بِقَوْلِهِ نَتِيجَةً لِذَلِكَ، مُنَبِّهًا عَلَى أَنَّ هَذِهِ النَّتِيجَةَ مِنْ حَقِّهَا أَنْ يَتَوَقَّعَ قَوْلَهَا [ مِنْ -] كُلِّ مَنْ سَمِعَ هَذِهِ الْبُشْرَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ أَيِ الْمَلِكُ الْأَعْلَى ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11لَهُ أَيْ خَاصَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11رِزْقًا أَيْ عَظِيمًا عَجِيبًا، قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ: الرِّزْقُ الْحَسَنُ مَا كَانَ عَلَى حَدِّ الْكِفَايَةِ لَا نُقْصَانَ فِيهِ يَتَعَطَّلُ عَنْ أُمُورِهِ بِسَبَبِهِ وَلَا زِيَادَةً تَشْغَلُهُ عَنِ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا رُزِقَ لِحِرْصِهِ، كَذَلِكَ أَرْزَاقُ الْقُلُوبِ أَحْسَنُهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنَ الْأَحْوَالِ مَا يَسْتَقِلُّ بِهَا عَنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ وَلَا يَتَعَذَّبُ بِتَعَطُّشِهِ وَلَا يَكُونُ زِيَادَةً فَيَكُونُ عَلَى خَطَرٍ مِنْ مَغَالِيطِ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا بِتَأْيِيدٍ مِنَ اللَّهِ سَمَاوِيٍّ.