الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ظرب

                                                          ظرب : الظرب ، بكسر الراء : كل ما نتأ من الحجارة ، وحد طرفه ; وقيل : وهو الجبل المنبسط ; وقيل : هو الجبل الصغير ; وقيل : الروابي الصغار ، والجمع : ظراب ; وكذلك فسر في الحديث : الشمس على الظراب . وفي حديث الاستسقاء : اللهم على الآكام ، والظراب ، وبطون الأودية ، والتلال . والظراب : الروابي الصغار ، واحدها ظرب ، بوزن كتف ، وقد يجمع ، في القلة ، على أظرب . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - : أين أهلك يا مسعود ؟ فقال : بهذه الأظرب السواقط ; السواقط : الخاشعة المنخفضة . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : رأيت كأني على ظرب . ويصغر على ظريب . وفي حديث أبي أمامة في ذكر الدجال : حتى ينزل على الظريب الأحمر . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : إذا غسق الليل على الظراب ; إنما خص الظراب لقصرها ; أراد أن ظلمة الليل تقرب من الأرض . الليث : الظرب من الحجارة ما كان ناتئا في جبل ، أو أرض خربة ، وكان طرفه الثاني محددا ، وإذا كان خلقة الجبل كذلك ، سمي ظربا . وقيل : الظرب أصغر الإكام وأحده حجرا ، لا يكون حجره إلا طررا ، أبيضه وأسوده وكل لون ، وجمعه : أظراب . والظرب : اسم رجل ، منه . ومنه سمي عامر بن الظرب العدواني ، [ ص: 182 ] أحد فرسان بني حمان بن عبد العزى ; وفي الصحاح : أحد حكام العرب . قال معديكرب ، المعروف بغلفاء ، يرثي أخاه شرحبيل ، وكان قتل يوم الكلاب الأول :


                                                          إن جنبي عن الفراش لناب كتجافي الأسر فوق الظراب     من حديث نمى إلي فما ترقأ
                                                          عيني ، ولا أسيغ شرابي     من شرحبيل ، إذا تعاوره الأر
                                                          ماح ، في حال صبوة وشباب

                                                          والكلاب : اسم ماء . وكان ذلك اليوم رئيس بكر . والأسر : البعير الذي في كركرته دبرة ; وقال المفضل : المظرب الذي لوحته الظراب ; قال رؤبة :


                                                          شد الشظي الجندل المظربا



                                                          وقال غيره : ظربت حوافر الدابة تظريبا ، فهي مظربة ، إذا صلبت واشتدت . وفي الحديث : كان له فرس يقال له : الظرب ، تشبيها بالجبيل ، لقوته . وأظراب اللجام : العقد التي في أطراف الحديد ; قال :


                                                          باد نواجذه عن الأظراب



                                                          وهذا البيت ذكره الجوهري شاهدا على قوله : والأظراب أسناخ الأسنان ; قال عامر بن الطفيل :


                                                          ومقطع حلق الرحالة سابح     باد نواجذه عن الأظراب



                                                          وقال ابن بري : البيت للبيد يصف فرسا ، وليس لعامر بن الطفيل ، وكذلك أورده الأزهري للبيد أيضا ، وقال : يقول : يقطع حلق الرحالة بوثوبه ، وتبدو نواجذه ، إذا وطئ على الظراب أي كلح . يقول : هو هكذا ، وهذه قوته ، قال : وصوابه ومقطع ، بالرفع ، لأن قبله :


                                                          تهدي أوائلهن كل طمرة     جرداء مثل هراوة الأعزاب



                                                          والنواجذ ، هاهنا : الضواحك ; وهو الذي اختاره الهروي . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه ; قال : لأن جل ضحكه كان التبسم . والنواجذ هنا : آخر الأضراس ، وذلك لا يبين عند الضحك . ويقوي أن الناجذ الضاحك قول الفرزدق :


                                                          ولو سألت عني النوار وقومها     إذن لم توار الناجذ الشفتان

                                                          وقال أبو زبيد الطائي :


                                                          بارزا ناجذاه ، قد برد المو     ت ، على مصطلاه ، أي برود



                                                          والظرب ، على مثال عتل : القصير الغليظ اللحيم ، عن اللحياني ; وأنشد :


                                                          يا أم عبد الله أم العبد     يا أحسن الناس مناط عقد
                                                          لا تعدليني بظرب جعد



                                                          أبو زيد : الظرباء ، ممدود على فعلاء : دابة شبه القرد . قال أبو عمرو : هو الظربان ، بالنون ، وهو على قدر الهر ونحوه . وقال أبو الهيثم : هو الظربى ، مقصور ، والظرباء ، ممدود ، لحن ; وأنشد قول الفرزدق :


                                                          فكيف تكلم الظربى ، عليها     فراء اللؤم أربابا غضابا



                                                          قال : والظربى جمع ، على غير معنى التوحيد . قال أبو منصور : وقال الليث : هو الظربى ، مقصور ، كما قال أبو الهيثم : وهو الصواب . وروى شمر عن أبي زيد : هي الظربان ، وهي الظرابي ، بغير نون ، وهي الظربى ، الظاء مكسورة ، والراء جزم ، والباء مفتوحة ، وكلاهما جماع : وهي دابة تشبه القرد ، وأنشد :


                                                          لو كنت في نار جحيم ، لأصبحت     ظرابي من حمان عني تثيرها



                                                          قال أبو زيد : والأنثى ظربانة ; وقال البعيث :


                                                          سواسية سود الوجوه ، كأنهم     ظرابي غربان بمجرودة محل



                                                          والظربان : دويبة شبه الكلب ، أصم الأذنين ، صماخاه يهويان ، طويل الخرطوم ، أسود السراة ، أبيض البطن ، كثير الفسو ، منتن الرائحة ، يفسو في جحر الضب ، فيسدر من خبث رائحته ، فيأكله ، وتزعم الأعراب : أنها تفسو في ثوب أحدهم ، إذا صادها ، فلا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب . أبو الهيثم : يقال : هو أفسى من الظربان ; وذلك أنها تفسو على باب جحر الضب حتى يخرج ، فيصاد . الجوهري : في المثل : فسا بيننا الظربان ; وذلك إذا تقاطع القوم . ابن سيده : قيل : هي دابة شبه القرد ، وقيل : هي على قدر الهر ونحوه ; قال عبد الله بن حجاج الزبيدي التغلبي :


                                                          ألا أبلغا قيسا وخندف أنني     ضربت كثيرا مضرب الظربان



                                                          يعني كثير بن شهاب المذحجي ، كان معاوية ولاه خراسان ، فاحتاز مالا واستتر عند هانئ بن عروة المرادي ، فأخذه من عنده وقتله . وقوله : مضرب الظربان أي ضربته في وجهه ، وذلك أن للظربان خطا في وجهه ، فشبه ضربته في وجهه بالخط الذي في وجه الظربان ; وبعده :


                                                          فيا ليت لا ينفك مخطم أنفه     يسب ويخزى ، الدهر ، كل يمان



                                                          قال : ومن رواه ضربت عبيدا ، فليس هو لعبد الله بن حجاج ، وإنما هو لأسد بن ناعصة ، وهو الذي قتل عبيدا بأمر النعمان يوم بوسة ; والبيت :


                                                          ألا أبلغا فتيان دودان أنني     ضربت عبيدا مضرب الظربان
                                                          غداة توخى الملك ، يلتمس الحبا [ ص: 183 ]     فصادف نحسا كان كالدبران



                                                          الأزهري : قال : قرأت بخط أبي الهيثم ، قال : الظربان دابة صغير القوائم ، يكون طول قوائمه قدر نصف إصبع ، وهو عريض ، ويكون عرضه شبرا أو فترا ، وطوله مقدار ذراع ، وهو مكربس الرأس ، أي مجتمعه قال : وأذناه كأذني السنور ، وجمعه الظربى . وقيل : الظربى ، الواحد وجمعه ظربان . ابن سيده : والجمع ظرابين وظرابي ; الياء الأولى بدل من الألف ، والثانية بدل من النون ، والقول فيه كالقول في إنسان ، وسيأتي ذكره . الجوهري : الظربى على فعلى ، جمع مثل حجلى جمع حجل ; قال الفرزدق :


                                                          وما جعل الظربى ، القصار أنوفها     إلى الطم من موج البحار الخضارم



                                                          وربما مد وجمع على ظرابي ، مثل حرباء وحرابي ، كأنه جمع ظرباء ; وقال :


                                                          وهل أنتم إلا ظرابي مذحج     تفاسى وتستنشي بآنفها الطخم



                                                          وظربى وظرباء : اسمان للجمع ، ويشتم به الرجل ، فيقال : يا ظربان . ويقال : تشاتما فكأنما جزرا بينهما ظربانا ; شبهوا فحش تشاتمهما بنتن الظربان ، وقالوا : هما يتنازعان جلد الظربان أي يتسابان ; فكأن بينهما جلد ظربان ، يتناولانه ويتجاذبانه ، ابن الأعرابي : من أمثالهم : هما يتماشنان جلد الظربان أي يتشاتمان : والمشن : مسح اليدين بالشيء الخشن .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية