الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ظمأ

                                                          ظمأ : الظمأ : العطش . وقيل : هو أخفه وأيسره . وقال الزجاج : هو أشده . والظمآن : العطشان . وقد ظمئ فلان يظمأ ظمأ وظماء وظماءة إذا اشتد عطشه . ويقال ظمئت أظمأ ظمأ فأنا ظام وقوم ظماء . وفي التنزيل : لا يصيبهم ظمأ ولا نصب . وهو ظمئ وظمآن والأنثى ظمأى ، وقوم ظماء أي عطاش . قال الكميت :


                                                          إليكم ذوي آل النبي تطلعت نوازع من قلبي ظماء ، وألبب



                                                          استعار الظماء للنوازع ، وإن لم تكن أشخاصا . وأظمأته : أعطشته . وكذلك التظمئة . ورجل مظماء معطاش ، عن اللحياني . التهذيب : رجل ظمآن وامرأة ظمأى لا ينصرفان ، نكرة ولا معرفة . وظمئ إلى لقائه : اشتاق ، وأصله ذلك . والاسم من جميع ذلك : الظمء ، بالكسر . والظمء : ما بين الشربين والوردين ، زاد غيره : في ورد الإبل ، وهو حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورد . والجمع : أظماء . قال غيلان الربعي :


                                                          مقفا على الحي قصير الأظماء



                                                          وظمء الحياة : ما بين سقوط الولد إلى وقت موته . وقولهم : ما بقي منه إلا قدر ظمء الحمار أي لم يبق من عمره إلا اليسير . يقال : إنه ليس شيء من الدواب أقصر ظمئا من الحمار ، وهو أقل الدواب صبرا عن العطش ، يرد الماء كل يوم في الصيف مرتين . وفي حديث بعضهم : حين لم يبق من عمري إلا ظمء حمار أي شيء يسير . وأقصر الأظماء : الغب ، وذلك أن ترد الإبل يوما وتصدر ، فتكون في المرعى يوما وترد اليوم الثالث ، وما بين شربتيها ظمء ، طال أو قصر . والمظمأ : موضع الظمإ من الأرض . قال الشاعر :


                                                          وخرق مهارق ، ذي لهله     أجد الأوام به مظمؤه



                                                          أجد : جدد . وفي حديث معاذ : وإن كان نشر أرض يسلم عليها صاحبها فإنه يخرج منها ما أعطي نشرها ربع المسقوي وعشر المظمئي . المظمئي : الذي تسقيه السماء ، والمسقوي : الذي يسقى بالسيح ، وهما منسوبان إلى المظمإ والمسقى ، مصدري أسقى وأظمأ . قال ابن الأثير : وقال أبو موسى : المظمي أصله المظمئي فترك همزه ، يعني في الرواية . وذكره الجوهري في المعتل ولم يذكره في الهمز ولا تعرض إلى ذكر تخفيفه ، وسنذكره في المعتل أيضا . ووجه ظمآن : قليل اللحم لزقت جلدته بعظمه . وقل ماؤه ، وهو خلاف الريان . قال المخبل :


                                                          وتريك وجها كالصحيفة     لا ظمآن مختلج ، ولا جهم



                                                          وساق ظمأى : معترقة اللحم . وعين ظمأى : رقيقة الجفن . قال الأصمعي : ريح ظمأى إذا كانت حارة ليس فيها ندى . قال ذو الرمة يصف السراب :


                                                          يجري فيرقد أحيانا     ويطرده نكباء ظمأى ، من القيظية الهوج



                                                          الجوهري في الصحاح : ويقال للفرس إن فصوصه لظماء أي ليست برهلة كثيرة اللحم . فرد عليه الشيخ أبو محمد بن بري ذلك ، وقال : ظماء هاهنا من باب المعتل اللام ، وليس من المهموز ، بدليل قولهم : ساق ظمياء أي قليلة اللحم . ولما قال أبو الطيب قصيدته التي منها :


                                                          في سرج ظامية الفصوص     طمرة ، يأبى تفردها لها التمثيلا



                                                          كان يقول : إنما قلت " ظامية " بالياء من غير همز لأني أردت أنها ليست برهلة كثيرة اللحم . ومن هذا قولهم : رمح أظمى وشفة ظمياء . التهذيب : ويقال للفرس إذا كان معرق الشوى إنه لأظمى الشوى ، وإن فصوصه لظماء إذا لم يكن فيها رهل ، وكانت متوترة ، ويحمد ذلك فيها ، والأصل فيها الهمز . ومنه قول الراجز يصف فرسا ، أنشده ابن السكيت :


                                                          ينجيه ، من مثل حمام الأغلال     وقع يد عجلى ورجل شملال
                                                          ظمأى النسا من تحت ريا من عال



                                                          فجعل قوائمه ظماء . وسراة ريا أي ممتلئة من اللحم . ويقال للفرس إذا ضمر : قد أظمئ إظماء ، أو ظمئ تظمئة . وقال أبو النجم يصف فرسا ضمره :


                                                          نطويه ، والطي الرفيق يجدله     نظمئ الشحم ، ولسنا نهزله



                                                          أي نعتصر ماء بدنه بالتعريق ، حتى يذهب رهله ويكتنز لحمه . وقال [ ص: 196 ] ابن شميل : ظماءة الرجل ، على فعالة : سوء خلقه ولؤم ضريبته وقلة إنصافه لمخالطه ، والأصل في ذلك أن الشريب إذا ساء خلقه لم ينصف شركاءه ، فأما الظمأ ، مقصور ، مصدر ظمئ يظمأ ، فهو مهموز مقصور ، ومن العرب من يمد فيقول : الظماء ، ومن أمثالهم : الظماء الفادح خير من الري الفاضح .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية