الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عبأ ]

                                                          عبأ : العبء بالكسر : الحمل والثقل من أي شيء كان ، والجمع الأعباء ، وهي الأحمال والأثقال ، وأنشد لزهير :


                                                          الحامل العبء الثقيل عن ال جاني بغير يد ولا شكر



                                                          ويروى لغير يد ولا شكر ، وقال الليث : العبء : كل حمل من غرم أو حمالة ، والعبء أيضا : العدل ، وهما عبآن ، والأعباء : الأعدال ، وهذا عبء هذا ، أي : مثله ونظيره ، وعبء الشيء كالعدل والعدل ، والجمع من كل ذلك أعباء ، وما عبأت بفلان عبأ : أي : ما باليت به ، وما أعبأ به عبأ ، أي : ما أباليه ، قال الأزهري : وما عبأت له شيئا ، أي : لم أباله ، وما أعبأ بهذا الأمر ، أي : ما أصنع به ، قال : وأما عبأ فهو مهموز لا أعرف في معتلات العين حرفا مهموزا غيره ، ومنه قوله تعالى : قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ، قال : وهذه الآية مشكلة ، وروى ابن نجيح عن مجاهد أنه قال في قوله : قل ما يعبأ بكم ربي ، أي : ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه وتطيعوه ، ونحو ذلك . قال الكلبي : وروى سلمة عن الفراء : أي : ما يصنع بكم ربي لولا دعاؤكم ، ابتلاكم لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام ، وقال أبو إسحاق في قوله : قل ما يعبأ بكم ربي ، أي : ما يفعل بكم لولا دعاؤكم معناه لولا توحيدكم ، قال : تأويله أي وزن لكم عنده لولا توحيدكم ، كما تقول : ما عبأت بفلان ، أي : ما كان له عندي وزن ولا قدر ، قال : وأصل العبء الثقل ، وقال شمر وقال أبو عبد الرحمن : ما عبأت به شيئا ، أي : لم أعده شيئا ، وقال أبو عدنان عن رجل من باهلة يقال : ما يعبأ الله بفلان إذا كان فاجرا مائقا ، وإذا قيل : قد عبأ الله به ، فهو رجل صدق وقد قبل الله منه كل شيء ، قال وأقول : ما عبأت بفلان ، أي : لم أقبل منه شيئا ولا من حديثه ، وقال غيره : عبأت له شرا ، أي : هيأته ، قال : وقال ابن بزرج : احتويت ما عنده وامتخرته واعتبأته وازدلعته وأخذته : واحد ، وعبأ الأمر عبئا وعبأه يعبئه : هيأه ، وعبأت المتاع : جعلت بعضه على بعض ، وقيل : عبأ المتاع يعبأه عبأ وعبأه : كلاهما هيأه ، وكذلك الخيل والجيش ، وكان يونس لا يهمز تعبية الجيش ، قال الأزهري : ويقال عبأت المتاع تعبئة ، قال : وكل من كلام العرب ، وعبأت الخيل تعبئة وتعبيئا ، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف ، قال : عبأنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ببدر ليلا ، يقال : عبأت الجيش عبأ وعبأتهم تعبئة ، وقد يترك الهمز ، فيقال : عبيتهم تعبية ، أي : رتبتهم في مواضعهم وهيأتهم [ ص: 6 ] للحرب ، وعبأ الطيب والأمر يعبؤه عبأ : صنعه وخلطه ، قال أبو زبيد يصف أسدا :


                                                          كأن بنحره وبمنكبيه     عبيرا بات يعبؤه عروس



                                                          ويروى بات يخبؤه ، وعبيته وعبأته تعبية وتعبيئا ، والعباءة والعباء : ضرب من الأكسية والجمع أعبئة ، ورجل عباء : ثقيل وخم كعبام ، والمعبأة : خرقة الحائض ، عن ابن الأعرابي . وقد اعتبأت المرأة بالمعبأة ، والاعتباء : الاحتشاء ، وقال : عبا وجهه يعبو إذا أضاء وجهه وأشرق ، قال : والعبوة : ضوء الشمس ، وجمعه عبا ، وعبء الشمس : ضوءها ، لا يدرى أهو لغة في عب الشمس أم هو أصله ، قال الأزهري : وروى الرياشي وأبو حاتم معا ، قالا : اجتمع أصحابنا على عب الشمس أنه ضوءها ، وأنشد :


                                                          إذا ما رأت شمسا عب الشمس شمرت     إلى رملها والجرهمي عميدها



                                                          قالا : نسبه إلى عب الشمس ، وهو ضوءها ، قالا : وأما عبد شمس من قريش فغير هذا ، قال أبو زيد : يقال : هم عب الشمس ، ورأيت عب الشمس ، ومررت بعب الشمس ، يريدون : عبد شمس ، قال : وأكثر كلامهم : رأيت عبد شمس ، وأنشد البيت :


                                                          إذا ما رأت شمسا عب الشمس شمرت



                                                          قال : وعب الشمس ضوءها ، يقال : ما أحسن عبها ، أي : ضوءها ، قال : وهذا قول بعض الناس ، والقول عندي ما قال أبو زيد أنه في الأصل عبد شمس ومثله قولهم : هذا بلخبيثة ، ومررت ببلخبيثة ، وحكي عن يونس : بلمهلب ، يريد : بني المهلب ، قال : ومنهم من يقول : عب شمس ، بتشديد الباء ، يريد : عبد شمس ، قال الجوهري في ترجمة عبا : وعب الشمس : ضوءها ، ناقص مثل دم ، وبه سمي الرجل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية