الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر خروج الخوارج على معاوية

قد ذكرنا فيما تقدم اعتزال فروة بن نوفل الأشجعي في خمسمائة من الخوارج ومسيرهم إلى شهرزور ، وتركوا قتال علي والحسن ، فلما سلم الحسن الأمر إلى معاوية قالوا : قد جاء الآن ما لا شك فيه ، فسيروا إلى معاوية فجاهدوه .

فأقبلوا وعليهم فروة بن نوفل حتى حلوا بالنخيلة عند الكوفة ، وكان الحسن بن علي قد سار يريد المدينة ، فكتب إليه معاوية يدعوه إلى قتال فروة ، فلحقه رسوله بالقادسية أو قريبا منها ، فلم يرجع وكتب إلى معاوية : لو آثرت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك ، فإني تركتك لصلاح الأمة وحقن دمائها .

فأرسل إليهم معاوية جمعا من أهل الشام ، فقاتلوهم ، فانهزم أهل الشام ، فقال معاوية لأهل الكوفة : والله لا أمان لكم عندي حتى تكفوهم . فخرج أهل الكوفة فقاتلوهم . فقالت لهم الخوارج : أليس معاوية عدونا وعدوكم ؟ دعونا حتى نقاتله ، فإن [ ص: 10 ] أصبنا كنا قد كفيناكم عدوكم ، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا . فقالوا : لا بد لنا من قتالكم . فأخذت أشجع صاحبهم فروة فحادثوه ووعظوه فلم يرجع ، فأخذوه قهرا وأدخلوه الكوفة ، فاستعمل الخوارج عليهم عبد الله بن أبي الحوساء ، رجلا من طيئ ، فقاتلهم أهل الكوفة فقتلوهم في ربيع الأول ، ( وقيل : في ربيع الآخر ) وقتل ابن أبي الحوساء ، وكان ابن أبي الحوساء حين ولي أمر الخوارج قد خوف من السلطان أن يصلبه ، فقال :


ما إن أبالي إذا أرواحنا قبضت ماذا فعلتم بأوصال وأبشار     تجري المجرة والنسران عن قدر
والشمس والقمر الساري بمقدار     وقد علمت ، وخير القول أنفعه
أن السعيد الذي ينجو من النار



التالي السابق


الخدمات العلمية