الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2820 حدثنا بشر بن مرحوم حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه قال خفت أزواد الناس وأملقوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم فأذن لهم فلقيهم عمر فأخبروه فقال ما بقاؤكم بعد إبلكم فدخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما بقاؤهم بعد إبلهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم فدعا وبرك عليه ثم دعاهم بأوعيتهم فاحتثى الناس حتى فرغوا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        رابعها حديث سلمة وهو ابن الأكوع " خفت أزواد الناس وأملقوا ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم " الحديث . وهو ظاهر فيما ترجم به .

                                                                                                                                                                                                        وقوله فيه : ( أملقوا ) أي فني زادهم ، ومعنى أملق افتقر ، وقد يأتي متعديا بمعنى أفنى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم ) أي بسبب نحر إبلهم ، أو فيه حذف تقديره فاستأذنوه في نحر إبلهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ناد في الناس يأتون ) أي فهم يأتون ، ولذلك رفعه ، وزاد في الشركة " فبسط لذلك نطع " وقد تقدم أن فيه أربع لغات فتح النون وكسرها وفتح الطاء وسكونها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وبرك ) بالتشديد أي دعا بالبركة وقوله ( عليهم ) في رواية الكشميهني " عليه " أي على الطعام ، ومثله في الشركة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فاحتثى الناس ) بمهملة ساكنة ثم مثناة ثم مثلثة أي أخذوا حثية حثية .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهد ) إلى آخر الشهادتين أشار إلى أن ظهور المعجزة مما يؤيد الرسالة .

                                                                                                                                                                                                        وفي الحديث حسن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإجابته إلى ما يلتمس منه أصحابه ، وإجراؤهم على العادة البشرية في الاحتياج إلى الزاد في السفر ، ومنقبة ظاهرة لعمر دالة على قوة يقينه بإجابة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى حسن نظره للمسلمين . على أنه ليس في إجابة النبي صلى الله عليه وسلم لهم على نحر إبلهم ما يتحتم أنهم يبقون بلا ظهر ، لاحتمال أن يبعث الله لهم ما يحملهم من غنيمة ونحوها ، لكن أجاب عمر إلى ما أشار به لتعجيل المعجزة بالبركة التي حصلت في الطعام .

                                                                                                                                                                                                        وقد وقع لعمر شبيه بهذه القصة في الماء ، وذلك فيما أخرجه ابن خزيمة وغيره ، وستأتي الإشارة إليه في علامات النبوة ، وقول عمر " ما بقاؤكم بعد [ ص: 152 ] إبلكم " أي لأن توالي المشي ربما أفضى إلى الهلاك ، وكأن عمر أخذ ذلك من النهي عن الحمر الأهلية يوم خيبر استبقاء لظهورها ، قال ابن بطال : استنبط منه بعض الفقهاء أنه يجوز للإمام في الغلاء إلزام من عنده ما يفضل عن قوته أن يخرجه للبيع لما في ذلك من صلاح الناس ، وفي حديث سلمة جواز المشورة على الإمام بالمصلحة وإن لم يتقدم منه الاستشارة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية