الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6252 ) فصل : وإذا قذفها ثم مات قبل لعانهما ، أو قبل إتمام لعانه ، سقط اللعان ، ولحقه الولد ، وورثته ، في قول الجميع ; لأن اللعان لم يوجد ، فلم يثبت حكمه . وإن مات بعد أن أكمل لعانه ، وقبل لعانها ، فكذلك . وقال الشافعي : تبين بلعانه ، ويسقط التوارث ، وينتفي الولد ، ويلزمها الحد ، إلا أن تلتعن . ولنا أنه مات قبل إكمال اللعان ، أشبه ما لو مات قبل إكمال التعانه ، وذلك لأن الشرع إنما رتب هذه الأحكام على اللعان التام ، والحكم لا يثبت قبل كمال سببه . وإن ماتت المرأة قبل اللعان ، فقد ماتت على الزوجية ، ويرثها في قول عامة أهل العلم . وروي عن ابن عباس : إن التعن ، لم يرث . ونحو ذلك عن الشعبي ، وعكرمة ; لأن اللعان يوجب فرقة تبين بها ، فيمنع التوارث ، كما لو التعن في حياتها .

                                                                                                                                            ولنا ، أنها ماتت على الزوجية ، فورثها ، كما لو لم يلتعن ، ولأن اللعان سبب الفرقة فلم يثبت حكم بعد موتها كالطلاق ، وفارق اللعان في الحياة ، فإنه يقطع الزوجية ، على أننا قد ذكرنا أنه لو لاعنها ولم تلتعن هي ، لم تنقطع الزوجية [ ص: 50 ] أيضا ، فهاهنا أولى . فإن قيل : أليس قد قلتم : لو التعن من الولد الميت ونفاه لم يرثه فكذلك الزوجة ؟ قلنا : لو التعن الزوج وحده دونها ، لم ينتف الولد ، ولم يثبت حكم اللعان ، على ما ذكرنا ، ثم الفرق بينهما أنه إذا نفى الولد ، تبينا أنه لم يكن منه أصلا في حال من الأحوال ، والزوجة قد كانت امرأته فيما قبل اللعان ، وإنما يزيل نكاحها اللعان ، كما يزيله الطلاق .

                                                                                                                                            فإذا ماتت قبله ، فقد ماتت قبل وجود ما يزيله ، فيكون موجودا حال الموت ، فيوجب التوارث ، وينقطع بالموت ، فلا يمكن انقطاعه مرة أخرى . وإن أراد الزوج اللعان ، ولم تكن طالبت بالحد في حياتها ، لم يكن له أن يلتعن ، سواء كان ثم ولد يريد نفيه أو لم يكن . وقال الشافعي : إن كان ثم ولد يريد نفيه ، فله أن يلتعن . وهذا ينبني على أصل ، وهو أن اللعان إنما يكون بين الزوجين ، فإن لعان الرجل وحده لا يثبت به حكم ، وعندهم بخلاف ذلك . فأما إن كانت طالبت بالحد في حياتها ، فإن أولياءها يقومون في الطلب به مقامها ، فإن طولب به ، فله إسقاطه باللعان . ذكره القاضي ، وإلا فلا ; لأنه لا حاجة إليه مع عدم الطلب ، فإنه لا حد عليه .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الشافعي : إن كان للمرأة وارث غير الزوج ، فله اللعان ، ليسقط الحد عن نفسه ، وإلا فلا ; لعدم الحاجة إليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية