الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد تنازع الناس في النبوة : هل هي مجرد إنباء الله لعبده ، أو هي راجعة إلى صفات كمال فيه؟ كما تنازعوا في النبوة : هل هي مجرد تعلق خطاب الشارع ، أو هي راجعة إلى صفات يتميز بها ، ولا بد من خطاب إلهي أو إنباء؟ ولهذا كانت النبوة أجزاء ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة" . رواه أهل السنن ، فهذا في العمل . وقال في العلم : "الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة" . وقال : "ثلاث من أخلاق المرسلين" .

وهذا الحب والإحساس الذي خلقه الله في النفوس هو الأصل في كل حسن وقبح ، وكل حمد وذم ، فإنه لولا الإحساس الذي يعتد به في حب حبيب وبغض بغيض لما وجدت حركة إرادية أصلا تحرك شيئا من الحيوان باختياره ، ولما كان أمر ونهي وثواب وعقاب ، [ ص: 199 ] فإن الثواب إنما هو بما تحبه النفوس وتتنعم به ، والعقاب إنما هو بما تكره النفوس وتتعذب به ، وذلك إنما يكون بعد الإحساس ، فالإحساس والحب والبغض هو أصل ما يوجد في الدنيا والآخرة من أمور الحي ، وبه حسن الأمر والنهي والوعد والوعيد . وذاك الأمر والنهي والوعد والوعيد هو تكميل للفطرة ، وكل منهما عون على الآخر ، فالشريعة تكميل للفطرة الطبيعية ، والفطرة الطبيعية مبدأ وعون على الإيمان بالشرع والعمل به ، والعبد من دان بالدين الذي يصلحه فيكون من أهل [العمل] الصالح في الآخرة ، والشقي من لم يتبع الدين ويعمل العمل الذي جاءت به الشريعة ، فهذا هذا ، والله أعلم . [ ص: 200 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية