الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 34 ] ( فصل ) في أصول المسائل وما يعول منها وتوابع ذلك ( إن كانت الورثة عصبات ) بالنفس ويأتي فيه الأقسام الثلاثة الآتية أو بالغير ويختص بالثالث ( قسم المال ) يعني التركة من مال وغيره بينهم ( بالسوية إن تمحضوا ذكورا ) كبنين أو إخوة ( أو إناثا ) كثلاث نسوة أعتقن رقيقا بالسوية ، ولا يتصور في غيرهن ، ومنازعة السبكي في كونه وجد فيه اجتماع عاصبات حائزات لا سائل تحتها ( ، وإن ) عطف على إن الأولى لا الثانية لفساد المعنى ، لكنه يوهم أن هذا القسم ليس فيه أن الورثة عصبات ، ولم يبال به لوضوح المراد ( اجتمع الصنفان ) من النسب ( قدر كل ذكر أنثيين ) عدل إليه عن قوله للأنثى نصف نصيبه لاتفاقهم على عدم ذكر الكسر ( وعدد رءوس المقسوم عليهم ) يقال له ( أصل المسألة وبما قررناه ) سقط القول بأن الأحسن إعراب أصل مبتدأ مؤخرا ; لأن المراد الحكم على هذا العدد بأنه يقال له ذلك كما مر ، ففي ابن وبنت هي من ثلاثة ، وكذا في الولاء إن لم يتفاوتوا في الملك ، وإلا فأصل المسألة من مخرج المقادير كالفروض ( وإن كان فيهم ) أي الورثة لا العصبات ، وإن دل عليه السياق لفساد معناه ( ذو فرض أو ذوا ) بالتثنية ( فرضين ) أو كانوا كلهم ذوي فروض أو ذوي فرضين فالافتعال على الصورة الأولى للتمثيل ( متماثلين فالمسألة ) أصلها ( من مخرج ذلك الكسر ) ففي بنت وعم هي من اثنين وفي أم وأخ لأم وأخ لأب هي من ستة ، وزوج وشقيقة أو أخت لأب هي من اثنين ، وتسمى النصفية إذ ليس لنا شخصان يرثان المال مناصفة فرضا سواهما ، [ ص: 35 ] وتسمى أيضا باليتيمة ; لأنها لا نظير لها كالدرة اليتيمة : أي التي لا نظير لها والمخرج أقل عدد يصح منه الكسر ( فمخرج النصف اثنان والثلث ) والثلثين ( ثلاثة والربع أربعة والسدس ستة والثمن ثمانية ) وكلها مشتقة من اسم العدد معنى ولفظا ، إلا النصف فإنه من المناصفة لتناصف القسمين واستوائهما ، ولو أريد ذلك لقيل ثني بضم أوله كثلث وما بعده

                                                                                                                            ( وإن كان ) أي وجد ( فرضان مختلفا المخرج ، فإن تداخل مخرجاهما فأصل المسألة أكثرهما كسدس وثلث ) في أم وأخ لأم وعم هي من ستة ( وإن توافقا ) بأحد الأجزاء ( ضرب وفق أحدهما في الآخر والحاصل أصل المسألة كسدس وثمن ) في أم وزوجة وابن ( فالأصل أربعة وعشرون ) حاصلة من ضرب نصف أحدهما في كامل الآخر وهو أربعة في ستة أو ثلاثة في ثمانية ( وإن تباينا ضرب كل ) منهما ( في كل والحاصل الأصل كثلث وربع ) في أم وزوجة وشقيق ( الأصل اثنا عشر ) حاصلة من ضرب ثلاثة في أربعة أو عكسه ( فالأصول ) أي المخارج ( سبعة ) فرعه على ما قبله لعلمه من ذكره المخارج الخمسة وزيادة الأصلين الآخرين ( اثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية واثنا عشر وأربعة وعشرون ) ; لأن الفروض القرآنية لا يخرج حسابها عن هذه ، وزاد متأخر والأصحاب أصلين آخرين في مسائل الجد والإخوة حيث كان ثلث الباقي بعد الفروض خيرا له ثمانية عشر كجد وأم وخمسة إخوة لغير أم ; لأن أقل عدد له سدس صحيح وثلث ما يبقى هو الثمانية عشر وستة وثلاثين كزوجة وأم وسبعة إخوة لغير أم ; لأن أقل عدد له ربع وسدس صحيحان وثلث ما يبقى هو الستة والثلاثون .

                                                                                                                            وصوب المتولي والإمام هذا واختاره في الروضة ; لأنه أخصر ولأن ثلث ما يبقى فرض لغيره فلتكن الفريضة من مخرجهما كما في زوج وأبوين هي من ستة اتفاقا فلولا ضم ثلث الباقي للنصف لكانت من اثنين وتصح من ستة ، ونوزع في الاتفاق بأن جمعا جعلوها من اثنين واعتذر الإمام عن القدماء بأنهم إنما جعلوا ذلك تصحيحا لوقوع الخلاف في ثلث الباقي والأصول إنما هي موضوعة للمجمع عليه ( والذي يعول منها ) أي من هذه الأصول ثلاثة ، ومر أن العول زيادة في السهام ونقص في الأنصباء ، وقد أجمع عليه الصحابة لما جمعهم عمر مستشكلا القسمة في زوج وأختين ، فأشار عليه العباس به أخذا مما هو معلوم فيمن مات وترك ستة وعليه لرجل ثلاثة ولآخر أربعة أن المال على سبعة أجزاء ووافقوه ثم خالفوا فيه ابن عباس رضي الله عنهما ( الستة إلى سبعة كزوج وأختين ) لغير أم فتعول بمثل سدسها ونقص من كل سبع ما نطق له به ( وإلى ثمانية كهم ) إدخال الكاف على الضمير لغة عدل إليها مع قلتها روما للاختصار ( وأم ) لها السدس وكزوج وأخت لغير أم وأم ، وتسمى المباهلة من البهل وهو اللعن ; لأن عمر لما قضى فيها بذلك خالفه ابن عباس بعد موته فجعل للأخت ما بقي بعد النصف والثلث ، فقيل له خالفت الناس فطلب المباهلة المذكورة في الآية .

                                                                                                                            ( وإلى تسعة كهم وأخ لأم ) له السدس ( وإلى عشرة كهم وآخر لأم ) له السدس ( والاثنا عشر ) تعول ( إلى ثلاثة عشر كزوجة وأم وأختين ) لأبوين أو لأب للزوجة ثلاثة وللأم اثنان ولكل أخت أربعة ( وإلى خمسة عشر كهم وأخ لأم ) له السدس اثنان ( وإلى سبعة عشر كهم وآخر لأم ) [ ص: 36 ] له اثنان ، وكثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم وثمان أخوات لغير أم ، وتسمى أم الأرامل ; لأن فيها سبعة عشر أنثى متساويات ، والدينارية الصغرى ; لأن الميت لو ترك سبعة عشر دينارا خص كلا دينار .

                                                                                                                            ( والأربعة والعشرون ) تعول ( إلى سبعة وعشرين ) فقط كبنتين وأبوين وزوجة فتعول بمثل ثمنها ، وتقدم أنها تسمى بالمنبرية ( وإذا تماثل العددان ) كثلاثة وثلاثة مخرجي الثلث وضعفه كولدي أم وأختين لغير أم ( فذاك ) ظاهر من الاكتفاء بأحدهما ( وإن اختلفا وفني الأكثر بالأقل ) عند إسقاطه من الأكثر ( مرتين فأكثر فمتداخلان ) لدخول الأقل في الأكثر حينئذ وهو المراد من التفاعل فيكتفى بالأكثر ويجعل أصل المسألة كما مر ( كثلاثة من ستة أو تسعة ) أو خمسة عشر فإن الستة تفنى بإسقاط الثلاثة مرتين والتسعة ثلاث مرات والخمسة عشر خمس مرات ( وإن ) اختلفا و ( لم يفنهما إلا عدد ثالث فمتوافقان بجزئه أربعة وستة بالنصف ) ; لأن الأربعة لا تفني الستة بل يبقى معه اثنان يفنيان كليهما وهما عدد ثلث فكان التوافق بجزئه وهو النصف ; لأن العبرة بنسبة الواحد لما وقع به الإفناء ، ونسبته للاثنين النصف والثلاثة كتسعة ، واثني عشر إذ لا يفنيهما إلا الثلاثة الثلث ، وإلى الأربعة كثمانية وأربعين مع اثنين وخمسين إذ لا يفنيهما إلا الأربعة الربع ، ولم يعتبر إفناء الاثنين ; لأنه سبق مثال التوافق بالنصف وهكذا إلى العشرة .

                                                                                                                            فإن كان المفنى أكثر من عشرة فالتوافق بالأجزاء كجزء من أحد عشر ، ومتى تعدد المفني فالتوافق بحسب نسبة الواحد إلى كل من ذلك المتعدد ، كاثني عشر مع ثمانية عشر يفنيهما ثلاثة وستة واثنان ، ونسبة الواحد للأولى ثلث ، وللثانية سدس وللثالثة نصف فتوافقا بالأثلاث والأسداس والأنصاف ومر حكمها أنك تضرب وفق أحد العددين في الآخر لكن العبرة بأدق الأجزاء كالسدس هنا .

                                                                                                                            ( وإن ) اختلفا و ( لم يفنهما إلا واحد ) لم يقل عدد واحد ; لأنه ليس بعدد عند أكثر الحساب ( تباينا ) ; لأن مفنيهما وهو الواحد من غير جنسهما وهو العدد وكأنه أشار إلى هذا الفرق بتغير الجزء الموجب للسؤال عن حكمته ( كثلاثة وأربعة ) يضرب أحدهما في الآخر ويجعل الحاصل أصل المسألة كما مر ( والمتداخلان متوافقان ) أي كل متداخلين متوافقان ( ولا عكس ) بالمعنى اللغوي : أي ليس كل متوافقين متداخلين لوجود التوافق ، ولا تداخل كستة مع ثمانية ; لأن شرط التداخل أن لا يزيد الأقل على نصف الأكثر ، والمراد بالتوافق هنا مطلقه الصادق بغير التباين لا التوافق السابق ; لأنه قسيم التداخل كما عرف من حديهما السابقين فكيف يصدق عليه ، ألا ترى أن الثلاثة لا توافق الستة حقيقة ; لأن شرطه لا يفنيهما إلا ثالث ، والثلاثة تفني الستة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 34 ] فصل ) في أصول المسائل ( قوله : وتوابع ) ككون أحد العددين موافقا للآخر أو مباينا له ( قوله : أو بالغير ) ولا يتأتى كون الكل عصبة مع الغير ; لأن العصبة مع غيره هي الأخت مع البنت والبنت صاحبة فرض ( قوله : ويختص بالثالث ) هو ما لو كانوا ذكورا وإناثا ، وقوله : من مال وغيره كالاختصاصات والحقوق ( قوله : وبما قررناه ) أي في قوله يقال له ( قوله : وكذا في الولاء ) أي يقال أصلها عدد رءوس المعتقين ( قوله : أو ذوي فرضين ) صح جعله خبرا مع كون المخبر عنه ضمير الجمع ، على أن المراد من الجمع ما فوق الواحد ( قوله : فرضا سواهما ) احترز بقوله فرضا عما لو مات عن بنت [ ص: 35 ] وشقيقة أو لأب أو ماتت عن زوج وأخ وعم ، فإنها وإن كان الوارث فيها اثنين لكل النصف لكن أحدهما بالفرض والآخر بالتعصيب ( قوله : وسبعة إخوة ) أي مع جد أخذ من قوله : وزاد متأخرو الأصحاب إلخ ، ثم رأيت في نسخة صحيحة : وأم وجد وسبعة إخوة إلخ ( قوله : فأشار عليه العباس به ) أي العول ( قوله : وكزوج ) .

                                                                                                                            مثال آخر [ ص: 36 ] لكونها من ستة وتعول لثمانية ( قوله : متساويات ) نعت لسبع عشرة ( قوله : وفني ) بالكسر كما في المختار ( قوله : والثلاثة كتسعة ) عطف على قوله للاثنين التي ( قوله : فتوافقا ) أي الاثنا عشر والثمانية عشر ( قوله : بالمعنى اللغوي ) أي أما بالاصطلاحي وهو أن تعكس الكلية جزئية فيقال بعض المتوافقين متداخلان ( قوله : السابقين ) هما قول المصنف وإن اختلفا إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 32 - 34 ] فصل في أصول المسائل ) ( قوله : ويأتي فيه الأقسام الثلاثة ) قال الشهاب سم : كيف يأتي الثالث مع أنه مركب ؟ . ا هـ .

                                                                                                                            أقول : مراده تأتيه بالنسبة للذكور كما هو ظاهر ، ويقال في قوله ويختص بالثالث أنه بالنسبة للإناث ولهذا قال يختص بالثالث ولم يقل ويختص به الثالث .

                                                                                                                            واستشكل هذا أيضا الشهاب المذكور ( قوله : ومنازعة السبكي إلخ ) حاصله أن السبكي نازع في كون ما ذكر هنا فيه عصبات حائزات بأن كل واحدة منهن لو انفردت لم تحز المال وإنما تأخذ بقدر حصتها من الولاء ( قوله : عطف على إن الأولى ) قال الشهاب : لا يتعين بل يجوز العطف على جملة قسم المال ، والتقدير : وإن كانت الورثة عصبات قدر كل ذكر أنثيين إن اجتمع الصنفان .

                                                                                                                            قال : بل هذا أقرب خصوصا مع سلامته من الإيهام الذي أورده .

                                                                                                                            قال : ولا يرد على هذا انتفاء الربط إن وجب ; لأنه يقدر : أي قدر كل ذكر منهم ( قوله : لفساد المعنى ) أي ; لأنه حينئذ يفيد أن قوله قسم المال بالسوية مسلط عليه أيضا ( قوله : وإن دل عليه السياق ) [ ص: 35 ] نازعه في ذلك سم بأن المتبادر إنما هو رجوع الضمير إلى الورثة ; لأنهم المحدث عنهم ( قوله : وزيادة الأصلين ) [ ص: 36 ] أي أصل التوافق والتباين .

                                                                                                                            وأما التداخل فلم يزد على الخمسة ( قوله : والثلاثة ) أي ونسبة الواحد للثلاثة الثلث ، وقوله [ ص: 37 ] كتسعة إلخ معترض




                                                                                                                            الخدمات العلمية