الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2861 حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن أبي عدي عن جعفر بن ميمون عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم انصرف فأخذ بيد عبد الله بن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه ثم خط عليه خطا ثم قال لا تبرحن خطك فإنه سينتهي إليك رجال فلا تكلمهم فإنهم لا يكلمونك قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراد فبينا أنا جالس في خطي إذ أتاني رجال كأنهم الزط أشعارهم وأجسامهم لا أرى عورة ولا أرى قشرا وينتهون إلي ولا يجاوزون الخط ثم يصدرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءني وأنا جالس فقال لقد أراني منذ الليلة ثم دخل علي في خطي فتوسد فخذي فرقد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رقد نفخ فبينا أنا قاعد ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوسد فخذي إذا أنا برجال عليهم ثياب بيض الله أعلم ما بهم من الجمال فانتهوا إلي فجلس طائفة منهم عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة منهم عند رجليه ثم قالوا بينهم ما رأينا عبدا قط أوتي مثل ما أوتي هذا النبي إن عينيه تنامان وقلبه يقظان اضربوا له مثلا مثل سيد بنى قصرا ثم جعل مأدبة فدعا الناس إلى طعامه وشرابه فمن أجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه ومن لم يجبه عاقبه أو قال عذبه ثم ارتفعوا واستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك فقال سمعت ما قال هؤلاء وهل تدري من هؤلاء قلت الله ورسوله أعلم قال هم الملائكة فتدري ما المثل الذي ضربوا قلت الله ورسوله أعلم قال المثل الذي ضربوا الرحمن تبارك وتعالى بنى الجنة ودعا إليها عباده فمن أجابه دخل الجنة ومن لم يجبه عاقبه أو عذبه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وأبو تميمة هو الهجيمي واسمه طريف بن مجالد وأبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مل وسليمان التيمي قد روى هذا الحديث عنه معتمر وهو سليمان بن طرخان ولم يكن تيميا وإنما كان ينزل بني تيم فنسب إليهم قال علي قال يحيى بن سعيد ما رأيت أخوف لله تعالى من سليمان التيمي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا محمد بن أبي عدي ) هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ( عن جعفر بن ميمون ) التميمي كنيته أبو علي ، ويقال أبو العوام بياع الأنماط ، صدوق يخطئ من السادسة .

                                                                                                          قوله : ( خرج به إلى بطحاء مكة ) أي مسيل واديها ، قال في القاموس : البطح ككتف ، والبطيحة والبطحاء والأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى ( ثم خط عليه ) أي خط حوله ( خطا ) أي خطا مستديرا محيطا به ( لا تبرحن خطك ) أي لا تفارقن الخط الذي خط لك ( فإنه سينتهي إليك ) أي سيصل إليك ( كأنهم الزط ) قال في القاموس : الزط بالضم جبل من الهند معرب جت [ ص: 127 ] بالفتح والقياس يقتضي فتح معربه أيضا والواحدة زطي . انتهى . وقال في النهاية : الزط هم جنس من السودان والهنود ( أشعارهم وأجسامهم ) يجوز النصب على نزع الخافض أي كأنهم الزط في أشعارهم وأجسامهم ، ويجوز الرفع على الابتداء والخبر محذوف أي أشعارهم وأجسامهم مثل الزط ( لا أرى عورة ولا أرى قشرا ) بكسر القاف وسكون المعجمة : غشاء الشيء خلقة أو عرضا وكل ملبوس ، قال في المجمع : أي لا أرى منهم عورة منكشفة ولا أرى عليهم ثيابا ( ثم يصدرون ) أي يرجعون ( لكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد جاءني ) أي حتى إذا كان من آخر الليل ما جاءوا ولكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد جاءني ( فقال لقد أراني منذ الليلة ) أي لم أنم ( فتوسد فخذي ) أي جعل فخذي وسادة ( إذا أنا برجال ) إذا للمفاجأة ( إن عينيه تنامان وقلبه يقظان ) غير منصرف ، وقيل منصرف لمجيء فعلانة منه . قال زين العرب : يقظان منصرف لمجيء فعلانة ، لكنه قد صح في كثير من نسخ المصابيح على أنه غير منصرف ، يعني فلا يفوته شيء مما تقول ( مثل سيد ) أي مثله مثل سيد .

                                                                                                          [ ص: 128 ] قوله : ( هذا حديث حسن غريب صحيح ) وأخرجه أحمد وابن خزيمة وصححه ( وأبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مل ) بلام ثقيلة والميم مثلثة ( وسليمان التيمي ) هو ابن طرخان إلخ ليس لسليمان التيمي ذكر في هذا الباب أصلا ، فإيراد الترمذي ترجمته ههنا لا يظهر له وجه فتأمل .




                                                                                                          الخدمات العلمية