الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          كتاب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب

                                                                                                          2875 حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أبي بن كعب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبي وهو يصلي فالتفت أبي ولم يجبه وصلى أبي فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليك السلام ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك فقال يا رسول الله إني كنت في الصلاة قال أفلم تجد فيما أوحى الله إلي أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال بلى ولا أعود إن شاء الله قال أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها قال نعم يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقرأ في الصلاة قال فقرأ أم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن أنس بن مالك وفيه عن أبي سعيد بن المعلى

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أبي بن كعب إلخ ) وقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلى قال : كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ . قال الحافظ في الفتح : جمع البيهقي بأن القصة وقعت لأبي بن كعب ولأبي سعيد بن المعلى ، قال ويتعين المصير إلى ذلك لاختلاف مخرج الحديثين واختلاف سياقهما ( والتفت أبي فلم يجبه ) أي لم يأته وفي رواية عند البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى : فلم آته حتى صليت ثم أتيته ( أفلم تجد فيما أوحى الله إلي أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) أي إلى ما يحييكم من أمر الدين لأنه سبب الحياة الأبدية . قال الطيبي وغيره من الشافعية : دل الحديث على أن إجابة الرسول لا تبطل الصلاة كما أن خطابه بقولك السلام عليك أيها النبي لا تقطعها قال الحافظ في الفتح : فيه بحث لاحتمال أن تكون إجابته واجبة مطلقا سواء كان المخاطب مصليا أو غير مصل أما كونه [ ص: 145 ] يخرج بالإجابة من الصلاة أو لا يخرج فليس من الحديث ما يستلزمه فيحتمل أن تجب الإجابة ولو خرج المصلي من الصلاة وإلى ذلك جنح بعض الشافعية . انتهى ( ولا في القرآن ) أي في بقية القرآن ( مثلها ) أي سورة مثلها ( كيف تقرأ في الصلاة ) ؟ ( قال فقرأ أم القرآن ) يعني الفاتحة وسميت بها لاحتوائها واشتمالها على ما في القرآن إجمالا أو المراد بالأم الأصل فهي أصل قواعد القرآن ويدور عليها أحكام الإيمان . قال الطيبي ، فإن قلت كيف طابق هذا جوابا عن السؤال بقوله ( كيف تقرأ ) لأنه سؤال عن حالة القراءة لا نفسها ؟ قلت : يحتمل أن يقدر : فقرأ أم القرآن مرتلا ومجودا ، ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام سأل عن حال ما يقرؤه في الصلاة أهي سورة جامعة حاوية لمعاني القرآن أم لا ، فلذلك قرأ بأم القرآن وخصها بالذكر أي هي جامعة لمعاني القرآن وأصل لها ( وإنها سبع من المثاني ) يحتمل أن تكون من بيانية أو تبعيضية ، وفي هذا تصريح بأن المراد بقوله تعالى : ولقد آتيناك سبعا من المثاني هي الفاتحة ، وقد روى النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس أن السبع المثاني هي السبع الطوال أي السور من أول البقرة إلى آخر الأعراف ثم براءة وقيل يونس ، وعلى الأول فالمراد بالسبع الآي لأن الفاتحة سبع آيات وهو قول سعيد بن جبير ، واختلف في تسميتها مثاني فقيل لأنها تثنى في كل ركعة أي تعاد ، وقيل لأنها يثنى بها على الله تعالى ، وقيل لأنها استثنيت لهذه الأمة لم تنزل على من قبلها ، ويأتي بقية الكلام في هذا في تفسير سورة الحجر ( والقرآن العظيم الذي أعطيته ) قيل هو من إطلاق الكل على الجزء للمبالغة . قال الخطابي : فيه دلالة على أن الفاتحة هي القرآن العظيم وأن الواو ليست بالعاطفة التي تفصل بين الشيئين وإنما هي التي تجيء بمعنى التفصيل كقوله تعالى : فاكهة ونخل ورمان وقوله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل . انتهى . قال الحافظ : وفيه بحث لاحتمال أن يكون قوله ( والقرآن العظيم ) محذوف الخبر ، والتقدير ما بعد الفاتحة مثلا فيكون وصف الفاتحة انتهى بقوله هي السبع المثاني ثم عطف قوله والقرآن العظيم أي ما زاد على الفاتحة ، وذكر ذلك رعاية لنظم الآية ، ويكون التقدير والقرآن العظيم هو الذي أوتيته زيادة على الفاتحة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الدارمي من قوله " ما أنزلت " ولم يذكر أبي بن [ ص: 146 ] كعب . كذا في المشكاة وقال المنذري في الترغيب : ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم باختصار عن أبي هريرة عن أبي وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أنس ) أخرجه ابن حبان في صحيحه . والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وفيه : " ألا أخبرك بأفضل القرآن " قال بلى " فتلا " الحمد لله رب العالمين .




                                                                                                          الخدمات العلمية