الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 320 ] صاحب غزنة

                                                                                      السلطان الكبير غياث الدين ، أبو الفتح محمد بن سام بن حسين الغوري ، أخو السلطان شهاب الدين الغوري .

                                                                                      قال عز الدين بن البزوري : كان ملكا عادلا ، وللمال باذلا ، فكان محسنا إلى الرعية ، رءوفا بهم ، كانت به ثغور الأيام باسمة ، وكلها بوجوده مواسم . قرب العلماء ، وأحب الفضلاء ، وبنى المساجد والربط والمدارس ، وأدر الصدقات ، وبنى الخانات .

                                                                                      قلت : كان ابتداء دولتهم محاربتهم لسلطانهم بهرام شاه بن مسعود السبكتكيني ، وكان رأس أهل الغور علاء الدين الحسين بن الحسن ، فهزمه بهرام شاه غير مرة ، وقتل إخوته ، ثم تمكن علاء الدين ، وتسلطن ، وأمر ابني أخيه غياث الدين وشهاب الدين ابني سام ، ثم قاتلاه ، وأسراه ، ثم تأدبا معه ، ورداه إلى ملكه ، فخضع ، وصاهرهما على بنيه ، وجعلهما وليي عهده ، فلما مات في سنة ست وخمسين ، تسلطن غياث الدين المذكور ، واستولى على غزنة ، ثم قهره الغز ، واستولوا على غزنة خمس عشرة سنة .

                                                                                      ثم نهض شهاب الدين ، وهزم الغز ، وقتل منهم خلائق ، وافتتح البلاد [ ص: 321 ] الشاسعة ، وقصد لها ، ورد بها خسرو شاه بن بهرام شاه آخر ملوك الهند السبكتكينية ، فأخذها سنة تسع وسبعين ، وأمن خسرو شاه ، ثم بعثه مع ولده ، وأسلمهما إلى أخيه ، فسجنهما ، وكان آخر العهد بهما ، وكان دولتهم أزيد من مائتي عام .

                                                                                      ويقال : بل مات خسرو كما قدمنا في حدود سنة خمسين ، وتسلطن بعده ابنه ملكشاه ، فيحرر هذا .

                                                                                      وحكم الغوري على الهند والأقاليم ، وتلقب بقسيم أمير المؤمنين ، ثم سار الأخوان ، وافتتحا هراة وبوشنج وغير ذلك ، ثم حشدت ملوك الهند ، وعملوا المصاف ، وانكسر المسلمون ، وجرح شهاب الدين ، وسقط ، ثم جمع والتقى الهند ، فاستأصلهم وطوى الممالك .

                                                                                      نعم وكان غياث الدين واسع البلاد مظفرا في حروبه ، وفيه دهاء ، ومكر ، وشجاعة ، وإقدام .

                                                                                      وتمرض بالنقرس .

                                                                                      قيل : إنه أسقط مكوس بلاده . وكان يرجع إلى فضيلة وأدب .

                                                                                      وكان يقول : التعصب في المذاهب قبيح .

                                                                                      وقد امتدت أيامه ، وتملك بعد عمه ، وله غزوات وفتوحات .

                                                                                      مات في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمسمائة فتملك بعده أخوه السلطان شهاب الدين مدة ، ثم قتل غيلة ، وتسلطن بعده ابن أخيه السلطان غياث الدين محمود بن محمد ، ثم تملك غلامهم السلطان تاج [ ص: 322 ] الدين إلدز واستولى على مدائن ، وعظم أمره ، ثم قتل في مصاف . ولهذه المملكة جيوش عظيمة جدا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية