الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب القليل من الغلول ولم يذكر عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرق متاعه وهذا أصح

                                                                                                                                                                                                        2909 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو قال كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو في النار فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها قال أبو عبد الله قال ابن سلام كركرة يعني بفتح الكاف وهو مضبوط كذا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب القليل من الغلول ) أي هل يلتحق بالكثير في الحكم أم لا ؟ .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولم يذكر عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرق متاعه ) يعني في حديثه [ ص: 217 ] الذي ساقه في الباب في قصة الذي غل العباءة وقوله " وهذا أصح " أشار إلى تضعيف ما روي عن عبد الله بن عمرو في الأمر بحرق رحل الغال ، والإشارة بقوله هذا إلى الحديث الذي ساقه ، والأمر بحرق رحل الغال أخرجه أبو داود من طريق صالح بن محمد بن زائدة الليثي المدني أحد الضعفاء قال : دخلت مع مسلمة بن عبد الملك أرض الروم فأتي برجل قد غل ، فسأل سالما - أي ابن عبد الله بن عمر - عنه فقال : سمعت أبي يحدث عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه ، ثم ساقه من وجه آخر عن سالم موقوفا ، قال أبو داود : هذا أصح . وقال البخاري في التاريخ : يحتجون بهذا الحديث في إحراق رحل الغال ، وهو باطل ليس له أصل وراويه لا يعتمد عليه ، وروى الترمذي عنه أيضا أنه قال : صالح منكر الحديث . وقد جاء في غير حديث ذكر الغال وليس فيه الأمر بحرق متاعه . قلت : وجاء من غير طريق صالح بن محمد أخرجه أبو داود أيضا من طريق زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ثم أخرجه من وجه آخر عن زهير عن عمرو بن شعيب موقوفا عليه وهو الراجح ، وقد أخذ بظاهر هذا الحديث أحمد في رواية ، وهو قول مكحول ، والأوزاعي ، وعن الحسن : يحرق متاعه كله إلا الحيوان والمصحف ، وقال الطحاوي : لو صح الحديث لاحتمل أن يكون حين كانت العقوبة بالمال .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        حكى بعض الشراح عن رواية الأصيلي أنه وقع فيها هنا " ويذكر عن عبد الله بن عمرو إلخ " بدل قوله " ولم يذكر عبد الله بن عمرو " فإن كان كما ذكر فقد عرف المراد بذلك ويكون قوله هذا أصح إشارة إلى أن حديث الباب الذي لم يذكر فيه التحريق أصح من الرواية التي ذكرها بصيغة التمريض وهي التي أشرت إليها من نسخة عمرو بن شعيب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عمرو ) هو ابن دينار ، وكذا هو عند ابن ماجه عن هشام بن عمار عن سفيان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( على ثقل ) بمثلثة وقاف مفتوحتين : العيال وما يثقل حمله من الأمتعة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كركرة ) ذكر الواقدي أنه كان أسود يمسك دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال ، وروى أبو سعيد النيسابوري في " شرف المصطفى " أنه كان نوبيا أهداه له هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة فأعتقه ، وذكر البلاذري أنه مات في الرق أو اختلف في ضبطه فذكر عياض أنه يقال بفتح الكافين وبكسرهما ، وقال النووي إنما اختلف في كافه الأولى وأما الثانية فمكسورة اتفاقا ، وقد أشار البخاري إلى الخلاف في ذلك بقوله في آخر الحديث " قال ابن سلام كركرة " وأراد بذلك أن شيخه محمد بن سلام رواه عن ابن عيينة بهذا الإسناد بفتح الكاف ، وصرح بذلك الأصيلي في روايته فقال : يعني بفتح الكاف والله أعلم . قال عياض : هو للأكثر بالفتح في رواية علي وبالكسر في رواية ابن سلام وعند الأصيلي بالكسر في الأول ، وقال القابسي : لم يكن عند المروزي فيه ضبط إلا أني أعلم أن الأول خلاف الثاني .

                                                                                                                                                                                                        وفي الحديث تحريم قليل الغلول وكثيره .

                                                                                                                                                                                                        وقوله " هو في النار " أي يعذب على معصيته ، أو المراد هو في النار إن لم يعف الله عنه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية