الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2808 - وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل ، سواء بسواء يدا بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف ، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد " . رواه مسلم .

التالي السابق


2808 - ( وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : الذهب " ) بالرفع على تقدير يباع ونصب بتقدير بيعوا بالذهب ( " والفضة بالفضة ، والبر " ) : بضم الموحدة أي الحنطة ( بالبر والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ) : قال النووي - رحمه الله : اختلفوا في العلة التي هي سبب تحريم الربا في السنة قال الشافعي - رحمه الله : العلة في الذهب والفضة كونهما جنسي الأثمان ، فلا يتعدى الربا منهما إلى غير ما من الموزونات كالحديد والنحاس وغيرهما ، لعدم المشاركة في المعنى ، والعلة في الأربعة الباقية كونها مطعومة فيتعدى الربا منها إلى كل مطعوم ، سواء كان قوتا أو تفكها أو تداويا كالأهليلج والسقمونيا ، وما أكل وحده أو مع غيره فيجري الربا في الزعفران على الأصح ، وأما مالك فقال في الذهب والفضة كقول الشافعي - رحمه الله - وفي الأربعة العلة فيها كونها تدخر للقوت ، فعداه إلى الزبيب لأنه كالتمر ، وإلى السلت لأنه كالبر [ ص: 1917 ] والشعير ، وأما أبو حنيفة فقال : العلة في الذهب والفضة الوزن فيتعدى إلى كل موزون من نحاس وحديد وغيرهما ، وفي الأربعة الكيل فيتعدى إلى كل مكيل كالجص والأسنان وغيرهما . وقال أحمد والشافعي - رحمه الله - في القديم : العلة في الأربعة الدم والوزن والكيل ، فمعنى هذا لا ربا في البطيخ والسفرجل ونحوهما ، لأن المماثلة أعم من أن تكون في القدر بخلاف المساواة ، أي : حال كونهما متساويين في القدر مقبوضين ( " يدا بيد " ) : ويستفاد منه الحلول والتقابض في المجلس ، وما من الشروط الثلاثة ، إذ المراد بالأول المماثلة بالوزن والكيل ، وبالثاني اتحاد مجلس تقابض العوضين بشرط عدم افتراق الأبدان ، وبالثالث الحلول لا النسيئة ( فإذا اختلفت هذه الأصناف ) : قال التوربشتي - رحمه الله : وجدنا في كثير من نسخ المصابيح قد ضرب على الأصناف وأثبت مكانها الأجناس . والحديث أخرجه مسلم ولفظه : الأصناف لا غير ، وأرى ذلك تصرفا من بعض النساخ عن ظن منه أن الصواب هو الأجناس ، لأن كل واحد من الأشياء على حدته جنس ، والصنف أخص منه ، ولم يدر أن الأصناف أقوم في هذا الموضع ، لأنه أراد بيان الجنس الذي يجري فيه الربا ، فعد أصنافه مع أن العرب تستعمل بعض الألفاظ المتقاربة في المعنى مكان بعضها اهـ . والمعنى أنه إذا بيع شيء منها ليس من جنسه ، لكن يشاركه في العلة كبيع الحنطة بالشعير ، فيجوز التفاضل فيه ، وهذا معنى قوله : ( فبيعوا كيف شئتم ) : لكن بشرط وجود الشرطين الآخرين من الشروط المتقدمة لقوله : ( " إذا كان " ) ، أي : البيع ( يدا بيد ) ، أي : حالا مقبوضا في المجلس قبل افتراق أحدهما عن الآخر ( رواه مسلم ) : وكذا الأربعة .




الخدمات العلمية