الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      القرض في جميع العروض والثياب والحيوان وجميع الأشياء قلت : أرأيت قرض الثياب والحيوان وجميع الأشياء ، أيجوز ذلك في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم إلا الإماء وحدهن فإن مالكا يحرمهن . قلت : أرأيت إن أقرضت رجلا ثوبا فسطاطيا موصوفا واشتريت منه ثوبا فسطاطيا إلى أجل ، أيجوز أن أبيعه من غيره بثوب فسطاطي ، أتعجله قبل حلول أجل ثوبي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هذا ليس ببيع إنما هذا رجل عجل للذي له الدين سلعة كانت له على رجل على أن يحتال بمثلها على الذي عليه الدين ، فإن كانت المنفعة فيه للذي يأخذ الثوب ليعجله الذي كان له الدين ، وإنما أراد الذي عجل الثوب أن ينفعه بذلك وأن يسلفه وأن يحتال عليه بدينه على رجل آخر فلا بأس بذلك ، وذلك جائز للذي يحيل ، لأن الثوب الدين الذي له على صاحبه إنما هو من قرض أو شراء ، فلا بأس أن يبيعه قبل أن يستوفيه في رأيي .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت المنفعة هاهنا للذي تعجل الثوب هو الذي طلب ذلك وأراده ؟ قال : لا خير في ذلك في رأيي ، وإنما أسلفه سلفا واحتال به لمنفعة يرجوها لأسواق يرجو أن يتأخر إلى ذلك ويضمن له ثوبه ، فهذا لا خير فيه لأن هذا سلف جر منفعة . وإنما يجوز من ذلك أن يكون الذي له الحق هو الذي طلب إلى هذا الرجل ذلك ، وله فيه المنفعة والرفق ، فإن كان على غير ذلك فلا يجوز . قلت : وكذلك هذا في قرض الدنانير لو أقرضته دنانير على أن يحيلني على غريم له بدنانير مثلها إلى أجل من الآجال ، وإنما أردت أن يضمن لي دنانيري إلى ذلك من الأجل ؟ قال : لا خير في ذلك كانت المنفعة للذي أسلف أو للذي يسلف . وكذلك بلغني عن مالك أنه قال : أراه بيع [ ص: 386 ] الذهب بالذهب إلى أجل قال سحنون : قال ابن القاسم : لا بأس بهذا إذا كانت المنفعة للذي يقبض الدنانير وهو سهل إن شاء الله تعالى . قال سحنون : وهو عندي أحسن . قلت : أرأيت إن أقرضت رجلا ثوبا فسطاطيا ، أو اشتريته من رجل إلى أجل ، فبعته من رجل قبل حلول أجله بثوب مثله إلى أجل من الآجال ، أيجوز هذا أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز هذا ، لأن هذا دين بدين وخطر في رأيي . قلت : وأي شيء معنى قولك وخطر ، وأين الخطر ههنا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ألا ترى أنهما تخاطرا في اختلاف الأسواق ، لأنهما لا يدريان إلى ما تصير الأسواق إلى ذينك الأجلين .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية