الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6099 - وقال آخرون : يحصن أهل الكتاب بعضهم بعضا ، ويحصن المسلم النصرانية ، ولا تحصن النصرانية المسلم ، وقد كان أبو يوسف قال بهذا القول في الإملاء فيما حدثني سليمان بن شعيب عن أبيه .

                                                        فاحتمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الثيب بالثيب الرجم أن يكون هذا على كل ثيب ، واحتمل أن يكون على خاص من الثيب .

                                                        فنظرنا في ذلك فوجدناهم مجتمعين أن العبيد غير داخلين في ذلك ، وأن العبد لا يكون محصنا ثيبا كان أو بكرا ، ولا يحصن زوجته حرة كانت أو أمة .

                                                        [ ص: 144 ] وكذلك الأمة لا تكون محصنة بزوجها حرا كان أو عبدا .

                                                        فثبت بما ذكرنا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : الثيب بالثيب الرجم إنما وقع على خاص من الثيب لا على كل الثيب .

                                                        فلم يدخل فيما أجمعوا أنه وقع على خاص إلا ما قد أجمعوا أنه فيه داخل .

                                                        وقد أجمعوا أن الحرين المسلمين البالغين الزوجين اللذين قد كان منهما الجماع ، محصنين ، واختلفوا فيمن سواهم .

                                                        فقد أحاط علمنا أن ذلك قد دخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الثيب بالثيب الرجم .

                                                        فأدخلنا فيه ، ولم يحط علمنا بما سوى ذلك فأخرجناه منه .

                                                        وقد كان يجيء في القياس - لما كانت الأمة لا تحصن الحر ، ولا يحصنها الحر ، وكانت هي في عدم إحصانها إياه كهو في عدم إحصانه إياها - أن يكون كذلك النصرانية ، فكما هي لا تحصن زوجها المسلم كان هو أيضا كذلك لا يحصنها .

                                                        وقد رأينا الأمة أيضا - لما بطل أن تحصن المسلم - بطل أن يحصن الكافر قياسا ، ونظرا على ما ذكرنا ، والله تعالى أعلم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية