الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6147 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا الوهبي ، قال : ثنا الماجشون ، عن الزهري ، عن سهل بن سعد ، عن عاصم قال : جاءني عويمر ، ثم ذكر مثله .

                                                        فقد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو علم الكاذب منهما بعينه لم يفرق بينهما ، ولم يلاعن ، لو علم أن المرأة صادقة لحد الزوج لها بقذفه إياها .

                                                        ولو علم أن الزوج صادق لحد المرأة بالزنا الذي كان منها .

                                                        فلما خفي الصادق منهما على الحاكم ، وجب حكم آخر فحرم الفرج على الزوج في الباطن والظاهر ، ولم يرد ذلك إلى حكم الباطن .

                                                        فلما شهدا في المتلاعنين ثبت أن كذلك الفرق كلها ، والقضاء بما ليس فيه تمليك أموال أنه على حكم الظاهر لا على حكم الباطن ، وأن حكم القاضي يحدث في ذلك التحريم والتحليل في الظاهر والباطن جميعا ، وأنه خلاف الأموال التي تقضى بها على حكم الظاهر ، وهي في الباطن على خلاف ذلك .

                                                        فتكون الآثار الأول هي في القضاء بالأموال ، والآثار الأخر هي في القضاء بغير الأموال من ثبات العقود وحلها حتى تتفق معاني وجوه الآثار والأحكام ، ولا تتضاد .

                                                        وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتبايعين إذا اختلفا في الثمن ، والسلعة قائمة أنهما يتحالفان ، ويترادان .

                                                        فتعود الجارية إلى البائع ، ويحل له فرجها ، ويحرم على المشتري .

                                                        ولو علم الكاذب منهما بعينه إذا لقضى بما يقول الصادق ، ولم يقض بفسخ بيع ، ولا بوجوب حرمة فرج الجارية المبيعة على المشتري .

                                                        فلما كان ذلك على ما وصفنا كان كذلك كل قضاء بتحريم ، أو تحليل ، أو عقد نكاح أو حله ، على ما حكم القاضي فيه في الظاهر ، لا على حكمه في الباطن ، وهذا قول أبي حنيفة ، ومحمد ، رحمهما الله .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية