الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وامرأته عطف على المستكن في: سيصلى لمكان الفصل بالمفعول. وقوله تعالى: حمالة الحطب نصب على الشتم والذم، وقيل: على الحالية بناء على أن الإضافة غير حقيقية للاستقبال على ما ستسمعه إن شاء الله تعالى، وهي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان.

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن عساكر عن جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر رضي الله تعالى عنهما أن عقيل بن أبي طالب دخل على معاوية فقال معاوية له: أين ترى عمك أبا لهب من النار؟ فقال له عقيل: إذا دخلتها فهو على يسارك مفترش عمتك حمالة الحطب والراكب خير من المركوب.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا أظن صحة هذا الخبر عن الصادق لأن فيه ما فيه وكانت على ما في البحر عوراء، ووسمت بذلك لأنها على ما أخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن زيد كانت تأتي بأغصان الشوك تطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقيل: كانت تحمل حزمة الشوك والحسك والسعدان فتنشرها بالليل في طريقه عليه الصلاة والسلام، وكان رسول الله يطؤه كما يطأ الحرير. وروي عن قتادة أنها مع كثرة مالها كانت تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها فعيرت بالبخل.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه وعن مجاهد أنها كانت تمشي بالنميمة، وأخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن أيضا، وروي عن ابن عباس والسدي ويقال لمن يمشي بها يحمل الحطب بين الناس؛ أي يوقد بينهم النائرة ويؤرث الشر، فالحطب مستعار للنميمة وهي استعارة مشهورة ومن ذلك قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      من البيض لم تصطد على ظهر لامة ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب



                                                                                                                                                                                                                                      وجعله رطبا ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشر ففيه إيغال حسن، وكذا قول الراجز:


                                                                                                                                                                                                                                      إن بني الأدرم حمالو الحطب     هم الوشاة في الرضاء والغضب



                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن جرير: حمالة الخطايا والذنوب من قولهم: فلان يحطب على ظهره إذا كان يكتسب الآثام والخطايا، والظاهر أن الحطب عليه مستعار للخطايا بجامع أن كلا منهما مبدأ للإحراق، وقيل: الحطب جمع حاطب كحارس وحرس أي تحمل الجناة على الجنايات وهو محمل بعيد. وقرأ أبو حيوة وابن مقسم:

                                                                                                                                                                                                                                      «سيصلى» بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام. «ومريئته» بالتصغير والهمز، وقرئ «ومريته» بالتصغير وقلب الهمزة ياء وإدغامها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحسن وابن إسحاق «سيصلى» بضم الياء وسكون الصاد واختلس حركة الهاء في: «امرأته» أبو عمر.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي رواية وقرأ أبو قلابة: «حاملة الحطب» على وزن فاعلة مضافا. وقرأ الأكثرون: «حمالة الحطب» بالرفع والإضافة، وقرئ «حمالة للحطب» بالتنوين رفعا ونصبا وبلام الجر في الحطب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية