الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن شهد شاهدان : أن له عليه ألفا ، وقال أحدهما : قضاه بعضه ) ، مثل أن يقول " قضي منه مائة " ( بطلت شهادته ) ، هذا المذهب ، نص عليه ، جزم به في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والوجيز ، وشرح ابن منجا ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم ، وقدمه في المحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم ، واختاره أبو الخطاب ، وغيره ، ونقل الأثرم : تفسد في المائة كرجوعه ، قال الشارح : والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله : أنها تقبل فيما بقي ، [ ص: 30 ] قال الإمام أحمد رحمه الله : ولو جاء بعد هذا المجلس ، فقال : أشهد أنه قضاه بعضه : لم يقبل منه ، قال الشارح : فهذا يحتمل أنه أراد إذا جاء بعد الحكم ، فيحتاج قضاء المائة إلى شاهد آخر ، أو يمين . قوله ( وإن شهدا : أنه أقرضه ألفا ، ثم قال أحدهما : قضاه نصفه : صحت شهادتهما ) هذا المذهب ، نص عليه ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، منهم : صاحب الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، وجزم به الشارح ، وقال : وجها واحدا ، وكذلك ابن منجا ، وقال في الفروع : لو شهدا أنه أقرضه ألفا ، ثم قال أحدهما : قضاه خمسمائة : صح نص عليه ، وقال في المحرر : ونص فيما إذا شهدا أنه أقرضه ألفا ، ثم قال أحدها : قضاه خمسمائة : فشهادتهما صحيحة بالألف ، ويحتاج قضاء الخمسمائة إلى شاهد آخر ، أو يمين ، ويتخرج مثله في التي قبلها ، ويتخرج فيهما أن لا تثبت شهادتهما سوى خمسمائة . انتهى . وقال في الفروع : ويتخرج بطلان شهادته كرواية الأثرم .

فوائد

الأولى : لو شهد عند الشاهد عدلان أو عدل : أنه اقتضاه ذلك الحق ، أو قد باع ما اشتراه : لم يشهد له ، نقله ابن الحكم ، وسأله ابن هانئ : لو قضاه نصفه ، ثم جحده بقيته : أله أن يدعيه ، أو بقيته ؟ [ ص: 31 ] قال : يدعيه كله ، ويقيم البينة ، فتشهد على حقه كله ، ثم يقول للحاكم : قضاني نصفه . الثانية : لو علق طلاقا ، إن كان لزيد عليه شيء ، فشهد شاهدان : أنه أقرضه : لم يحنث ، بل إن شهدا أن له عليه ، فحكم بهما ، قال في الفروع : ومرادهم في صادق ظاهر ، ولهذا قال في الرعاية : من حلف بالطلاق لا حق عليه لزيد ، فقامت عليه بينة تامة بحق لزيد : حنث حكما . الثالثة : لو شهدا على رجل أنه طلق من نسائه ، أو أعتق من إمائه ، أو أبطل من وصاياه واحدة بعينها ، وقالا " نسينا عينها " لم تقبل هذه الشهادة ، على الصحيح من المذهب ، قدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم ، وقيل : تقبل ، وجزم به في المبهج في صورة الوصية فيها ، قال في الترغيب : قال أصحابنا : يقرع بين الوصيتين ، فمن خرجت قرعتها فهي الصحيحة . الرابعة : هل يشهد عقدا فاسدا مختلفا فيه ، ويشهد به ؟ ، قال في الفروع : يتوجه دخولها فيمن أتى فرعا مختلفا فيه ، وقال القاضي في التعليق : يشهد ، وقال المصنف في المغني : لو رهن الرهن بحق ثان : كان رهنا بالأول فقط ، فإن شهد بذلك شاهدان ، فإن اعتقدا فساده : لم يكن لهما ، وإن اعتقدا صحته : جاز أن يشهدا بكيفية الحال فقط ، ومنعه الإمام أحمد رحمه الله ، في رواية الجماعة إذا علمه بتخصيص بعض ولده أو تفضيله ، وذكره فيه الحارثي عن الأصحاب ، [ ص: 32 ] وقال في الفروع : ويتوجه : يكره ما ظن فساده ، ويتوجه وجه : يحرم . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية