الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قسم خمس الركاز قلت : أرأيت لو أن رجلا أصاب ركازا وله أقارب فقراء ، منهم من يضمنه الحاكم نفقته ومنهم من لا يضمنه الحاكم نفقته ، أيجعل خمس هذا الركاز فيهم أم لا ؟ فقال : لا يخصهم بذلك ولكن يعطيهم كما يعطي غيرهم من الفقراء فقراء موضعه ، وذلك أن مالكا كره أن يعطي الرجل زكاته أقاربه الذين لا يضمن نفقتهم لمكان محمدتهم إياه ، وقضاء مذمة كانت عليه ودفع صلات كانوا يرتجونها منه ، فلو صح ذلك عنده ولم يكن بذلك بأسا .

                                                                                                                                                                                      قال : وإنما كان يقول لنا مالك : إنما أخاف بذكر هذه الأشياء يحمدونه عليها . قال ابن القاسم : فهذا الخمس إن كان لا يدفع به شيئا مما وصفته لك من مذمة ولا يتخذ به محمدة إلا على وجه الاجتهاد لهم كاجتهاده في غيرهم ، فلا أرى بذلك بأسا .

                                                                                                                                                                                      قال : فأما ولد أو والد فلا يعجبني ذلك ، لأن نفقتهم تلزمه فهو إذا أعطاهم دفع عن نفسه بعطيتهم نفقتهم ، وإن كانوا أغنياء فغيرهم أحق بذلك منهم . وقد قال غيره : إذا أعطاهم كما يعطي غيرهم من الأباعد على غير إيثار جاز ، لأن الخمس فيء وليس هو مثل الزكاة التي لا تحل لغني ، والفيء يحل للغني والفقير إلا أن الفقير يؤثر على الغني .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت هذا الخمس لم لا يعطيه ولده ولا والده الذين يضمن نفقتهم فيغنيهم بذلك ويدفع عنهم نفقتهم ، وهذا الخمس إنما هو عندك فيء وهؤلاء فقراء ؟ فقال : ينبغي له أن ينظر إلى من هو أفقر من هؤلاء الذين يضمن هو نفقتهم فهم أولى بذلك ، لأن الوالدين لو كانا فقيرين أحدهما له من ينفق عليه والآخر ليس له من ينفق عليه ، بدأ بهذا الذي ليس له من ينفق عليه فكذلك هذا الرجل . وقد سئل مالك وأنا قاعد عنده ، عن رجل محتاج له أب موسر أترى أن يعطى من القسم شيئا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان لا يناله معروف أبيه فلا أرى به بأسا ، قال ابن القاسم : وإن كان يناله معروف والده فغيره من أهل الحاجة ممن لا يناله معروف أحد أولى بذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أي شيء هذا القسم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هو الزكاة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية