الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                ويتعلق بهذه القاعدة قواعد الأولى : الضروريات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها ، ومن ثم جاز أكل الميتة عند المخمصة ، وإساغة اللقمة بالخمر ، والتلفظ بكلمة الكفر للإكراه ، وكذا إتلاف المال ، وأخذ مال الممتنع من أداء الدين بغير إذنه ، ودفع الصائل ولو أدى إلى قتله ، ولو عم الحرام قطرا ، بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادرا فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه ، ولا يقتصر على الضرورة .

                قال الإمام : ولا يرتقي إلى التبسط ، وأكل الملاذ بل يقتصر على قدر الحاجة .

                قال ابن عبد السلام : وفرض المسألة : أن يتوقع معرفة صاحب المال في المستقبل .

                فأما عند اليأس فالمال حينئذ للمصالح ; لأن من جملة أموال بيت المال : ما جهل مالكه .

                ويجوز إتلاف شجر الكفار وبنائهم لحاجة القتال ، والظفر بهم ، وكذا الحيوان الذي يقاتلون عليه ، ونبش الميت بعد دفنه للضرورة بأن دفن بلا غسل ، أو لغير القبلة أو في أرض أو ثوب مغصوب . وغصب الخيط لخياطة جرح حيوان محترم .

                وقولنا : " بشرط عدم نقصانها عنها " ليخرج ما لو كان الميت نبيا فإنه لا يحل أكله للمضطر لأن حرمته أعظم في نظر الشرع من مهجة المضطر . وما لو أكره على القتل أو الزنا ، فلا يباح واحد منهما بالإكراه لما فيهما من المفسدة التي تقابل حفظ مهجة المكره ، أو تزيد عليها . وما لو دفن بلا تكفين فلا ينبش ، فإن مفسدة هتك حرمته أشد من عدم تكفينه الذي قام الستر بالتراب مقامه .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية