(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28979_30764كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ( 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=8ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون ( 8 ) )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الإمام أبو جعفر الطبري : اختلف المفسرون في السبب الجالب لهذه " الكاف " في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك ) فقال بعضهم : شبه به في الصلاح للمؤمنين ، اتقاؤهم ربهم ، وإصلاحهم ذات بينهم ، وطاعتهم الله ورسوله .
ثم روى عن
عكرمة نحو هذا .
ومعنى هذا أن الله تعالى يقول : كما أنكم لما اختلفتم في المغانم وتشاححتم فيها فانتزعها الله منكم ، وجعلها إلى قسمه وقسم رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقسمها على العدل والتسوية ، فكان هذا هو المصلحة التامة لكم ، وكذلك لما كرهتم الخروج إلى الأعداء من قتال ذات الشوكة - وهم النفير الذين خرجوا لنصر دينهم ، وإحراز عيرهم - فكان عاقبة كراهتكم للقتال بأن قدره لكم ، وجمع به بينكم وبين عدوكم على غير ميعاد - رشدا وهدى ، ونصرا وفتحا ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) [ البقرة : 216 ] .
قال
ابن جرير : وقال آخرون : معنى ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ) على كره من فريق من المؤمنين ، كذلك هم كارهون للقتال ، فهم يجادلونك فيه بعد ما تبين لهم ، ثم روى نحوه عن
مجاهد أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك ) قال : كذلك يجادلونك في الحق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أنزل الله في خروجه إلى
بدر ومجادلتهم إياه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون ) لطلب المشركين (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يجادلونك في الحق بعدما تبين )
وقال بعضهم : يسألونك عن الأنفال مجادلة ، كما جادلوك يوم
بدر فقالوا : أخرجتنا للعير ، ولم تعلمنا قتالا فنستعد له .
قلت : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما خرج من
المدينة طالبا لعير
أبي سفيان ، التي بلغه خبرها أنها صادرة من
الشام ، فيها أموال جزيلة
لقريش فاستنهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين من خف منهم ، فخرج في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا وطلب نحو الساحل من على طريق
بدر ، وعلم
أبو سفيان بخروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبه ، فبعث
ضمضم بن عمرو نذيرا إلى
مكة ، فنهضوا في قريب من ألف مقنع ، ما بين التسعمائة إلى الألف ، وتيامن
أبو سفيان بالعير إلى
سيف البحر فنجا ، وجاء النفير فوردوا ماء
بدر ، وجمع الله المسلمين والكافرين على غير ميعاد ، لما يريد الله تعالى من إعلاء كلمة المسلمين
[ ص: 15 ] ونصرهم على عدوهم ، والتفرقة بين الحق والباطل ، كما سيأتي بيانه .
والغرض : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه خروج النفير ، أوحى الله إليه يعده إحدى الطائفتين : إما العير وإما النفير ، ورغب كثير من المسلمين إلى العير ؛ لأنه كسب بلا قتال ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين )
قال
الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14687سليمان بن أحمد الطبراني ، حدثنا
بكر بن سهل ، حدثنا
عبد الله بن يوسف ، حدثنا
ابن لهيعة ، عن
يزيد بن أبي حبيب ، عن
أسلم أبي عمران حدثه أنه سمع
أبا أيوب الأنصاري يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالمدينة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825205إني أخبرت عن عير أبي سفيان أنها مقبلة فهل لكم أن نخرج قبل هذه العير لعل الله يغنمناها ؟ فقلنا : نعم ، فخرج وخرجنا ، فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا : ما ترون في قتال القوم ؛ فإنهم قد أخبروا بمخرجكم ؟ فقلنا : لا والله ما لنا طاقة بقتال العدو ، ولكنا أردنا العير ، ثم قال : ما ترون في قتال القوم ؟ فقلنا مثل ذلك فقال المقداد بن عمرو : إذا لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) [ المائدة : 24 ] قال : فتمنينا - معشر الأنصار - أن لو قلنا كما قال المقداد أحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم ، قال : فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون ) وذكر تمام الحديث .
ورواه
ابن أبي حاتم ، من حديث
ابن لهيعة ، بنحوه .
ورواه
ابن مردويه أيضا من حديث
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، عن أبيه ، عن جده قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
بدر ، حتى إذا كان
بالروحاء ، خطب الناس فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825206كيف ترون ؟ فقال أبو بكر : يا رسول الله ، بلغنا أنهم بمكان كذا وكذا . قال : ثم خطب الناس فقال : كيف ترون ؟ فقال عمر مثل قول أبي بكر . ثم خطب الناس فقال : كيف ترون ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ : يا رسول الله إيانا تريد ؟ فوالذي أكرمك [ بالحق ] وأنزل عليك الكتاب ، ما سلكتها قط ولا لي بها علم ، ولئن سرت [ بنا ] حتى تأتي " برك الغماد " من ذي يمن لنسيرن معك ، ولا نكون كالذين قالوا لموسى ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما متبعون ، ولعلك أن تكون خرجت لأمر ، وأحدث الله إليك غيره ، فانظر الذي أحدث الله إليك ، فامض له ، فصل حبال من شئت ، واقطع حبال من شئت ، وعاد من شئت ، وسالم من شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، فنزل القرآن على قول سعد : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون ) الآيات .
وقال
العوفي ، nindex.php?page=hadith&LINKID=825207عن ابن عباس : لما شاور النبي - صلى الله عليه وسلم - في لقاء العدو ، وقال له سعد بن عبادة ما قال [ ص: 16 ] وذلك يوم بدر ، أمر الناس فعبئوا للقتال ، وأمرهم بالشوكة ، فكره ذلك أهل الإيمان ، فأنزل الله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون )
وقال
مجاهد : يجادلونك في الحق : في القتال . وقال
محمد بن إسحاق : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يجادلونك في الحق [ بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ] ) أي : كراهية للقاء المشركين ، وإنكارا لمسير
قريش حين ذكروا لهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يجادلونك في الحق بعدما تبين ) أي : بعد ما تبين لهم أنك لا تفعل إلا ما أمرك الله به .
قال
ابن جرير : وقال آخرون : عنى بذلك المشركين .
حدثني
يونس ، أنبأنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ) قال : هؤلاء المشركون ، جادلوه في الحق (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6كأنما يساقون إلى الموت ) حين يدعون إلى الإسلام ) وهم ينظرون ) قال : وليس هذا من صفة الآخرين ، هذه صفة مبتدأة لأهل الكفر .
ثم قال
ابن جرير : ولا معنى لما قاله ؛ لأن الذي قبل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يجادلونك في الحق ) خبر عن أهل الإيمان ، والذي يتلوه خبر عنهم ، والصواب قول
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق أنه خبر عن المؤمنين .
وهذا الذي نصره
ابن جرير هو الحق ، وهو الذي يدل عليه سياق الكلام ، والله أعلم . .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - رحمه الله - : حدثنا
يحيى بن أبي بكير وعبد الرزاق قالا حدثنا
إسرائيل ، عن
سمال ، عن
عكرمة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=825208عن ابن عباس قال : قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ من بدر : عليك بالعير ليس دونها شيء فناداه nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب - قال عبد الرزاق : وهو أسير في وثاقه - ثم اتفقا : إنه لا يصلح لك ، قال : ولم ؟ قال : لأن الله - عز وجل - إنما وعدك إحدى الطائفتين ، وقد أعطاك ما وعدك .
إسناد جيد ، ولم يخرجه .
ومعنى قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ) أي : يحبون أن الطائفة التي لا حد لها ولا منعة ولا قتال ، تكون لهم وهي العير (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ) أي : هو يريد أن يجمع بينكم وبين الطائفة التي لها الشوكة والقتال ، ليظفركم بهم ويظهركم عليهم ، ويظهر دينه ، ويرفع كلمة الإسلام ، ويجعله غالبا على الأديان ، وهو أعلم بعواقب الأمور ، وهو الذي دبركم
[ ص: 17 ] بحسن تدبيره ، وإن كان العباد يحبون خلاف ذلك فيما يظهر لهم ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم [ والله يعلم وأنتم لا تعلمون ] [ البقرة : 216 ] ) .
وقال
محمد بن إسحاق - رحمه الله - : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم الزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16276وعاصم بن عمر بن قتادة ،
وعبد الله بن أبي بكر ،
ويزيد بن رومان ، عن
عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس - كل قد حدثني بعض هذا الحديث ، فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث
بدر - قالوا : لما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم ، وقال :
هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله أن ينفلكموها فانتدب الناس ، فخف بعضهم وثقل بعضهم ، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلقى حربا ، وكان
أبو سفيان قد استنفر حين دنا من الحجاز يتجسس الأخبار ، ويسأل من لقي من الركبان ، تخوفا على أمر الناس ، حتى أصاب خبرا من بعض الركبان : أن
محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك ، فحذر عند ذلك ، فاستأجر
ضمضم بن عمرو الغفاري ، فبعثه إلى أهل
مكة ، وأمره أن يأتي
قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أن
محمدا قد عرض لها في أصحابه ، فخرج
ضمضم بن عمرو سريعا إلى
مكة ، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه حتى بلغ واديا يقال له "
ذفران " ، فخرج منه حتى إذا كان ببعضه نزل ، وأتاه الخبر عن
قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم
فاستشار النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس ، وأخبرهم عن قريش ، فقام أبو بكر - رضي الله عنه - فقال ، فأحسن ، ثم قام عمر - رضي الله عنه - فقال ، فأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله ، امض لما أمرك الله به ، فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) [ المائدة : 24 ] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فوالذي بعثك بالحق ، لو سرت بنا إلى " برك الغماد " - يعني مدينة الحبشة - لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرا ، ودعا له بخير ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أشيروا علي أيها الناس - وإنما يريد الأنصار - وذلك أنهم كانوا عدد الناس ، وذلك أنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا : يا رسول الله ، إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى دارنا ، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذممنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصرته إلا ممن دهمه بالمدينة ، من عدوه ، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم ، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، قال له nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال : أجل قال : فقال : فقد آمنا بك ، وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت . فوالذي بعثك بالحق ، إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما يتخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إنا لصبر عند الحرب ، صدق عند اللقاء ، ولعل الله [ أن ] يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله . فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول سعد ، ونشطه [ ص: 18 ] ذلك ، ثم قال : سيروا على بركة الله وأبشروا ، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم .
وروى
العوفي عن
ابن عباس نحو هذا ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغير واحد من علماء السلف والخلف ، اختصرنا أقوالهم اكتفاء بسياق
محمد بن إسحاق .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28979_30764كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ( 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=8لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ( 8 ) )
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ : اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي السَّبَبِ الْجَالِبِ لِهَذِهِ " الْكَافِ " فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ : شُبِّهَ بِهِ فِي الصَّلَاحِ لِلْمُؤْمِنِينَ ، اتِّقَاؤُهُمْ رَبَّهُمْ ، وَإِصْلَاحُهُمْ ذَاتَ بَيْنِهُمْ ، وَطَاعَتُهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
ثُمَّ رَوَى عَنْ
عِكْرِمَةَ نَحْوَ هَذَا .
وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : كَمَا أَنَّكُمْ لَمَّا اخْتَلَفْتُمْ فِي الْمَغَانِمِ وَتَشَاحَحْتُمْ فِيهَا فَانْتَزَعَهَا اللَّهُ مِنْكُمْ ، وَجَعَلَهَا إِلَى قَسْمِهِ وَقَسْمِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَسَّمَهَا عَلَى الْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ ، فَكَانَ هَذَا هُوَ الْمَصْلَحَةَ التَّامَّةَ لَكُمْ ، وَكَذَلِكَ لَمَّا كَرِهْتُمُ الْخُرُوجَ إِلَى الْأَعْدَاءِ مِنْ قِتَالِ ذَاتِ الشَّوْكَةِ - وَهُمُ النَّفِيرُ الَّذِينَ خَرَجُوا لِنَصْرِ دِينِهِمْ ، وَإِحْرَازِ عِيرِهِمْ - فَكَانَ عَاقِبَةُ كَرَاهَتِكُمْ لِلْقِتَالِ بِأَنْ قَدَّرَهُ لَكُمْ ، وَجَمَعَ بِهِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّكُمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ - رَشَدًا وَهُدًى ، وَنَصْرًا وَفَتْحًا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) [ الْبَقَرَةِ : 216 ] .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ ) عَلَى كُرْهٍ مِنْ فَرِيقٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، كَذَلِكَ هُمْ كَارِهُونَ لِلْقِتَالِ ، فَهُمْ يُجَادِلُونَكَ فِيهِ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ ، ثُمَّ رَوَى نَحْوَهُ عَنْ
مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ ) قَالَ : كَذَلِكَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : أَنْزَلَ اللَّهُ فِي خُرُوجِهِ إِلَى
بَدْرٍ وَمُجَادَلَتِهِمْ إِيَّاهُ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) لِطَلَبِ الْمُشْرِكِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ )
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ مُجَادَلَةً ، كَمَا جَادَلُوكَ يَوْمَ
بَدْرٍ فَقَالُوا : أَخْرَجْتَنَا لِلْعِيرِ ، وَلَمْ تُعْلِمْنَا قِتَالًا فَنَسْتَعِدُّ لَهُ .
قُلْتُ : رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ
الْمَدِينَةِ طَالِبًا لِعِيرِ
أَبِي سُفْيَانَ ، الَّتِي بَلَغَهُ خَبَرُهَا أَنَّهَا صَادِرَةٌ مِنَ
الشَّامِ ، فِيهَا أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ
لِقُرَيْشٍ فَاسْتَنْهَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ مَنْ خَفَّ مِنْهُمْ ، فَخَرَجَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَطَلَبَ نَحْوَ السَّاحِلِ مِنْ عَلَى طَرِيقِ
بَدْرٍ ، وَعَلِمَ
أَبُو سُفْيَانَ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي طَلَبِهِ ، فَبَعَثَ
ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو نَذِيرًا إِلَى
مَكَّةَ ، فَنَهَضُوا فِي قَرِيبٍ مِنْ أَلْفِ مُقَنَّعٍ ، مَا بَيْنَ التِّسْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ ، وَتَيَامَنَ
أَبُو سُفْيَانَ بِالْعِيرِ إِلَى
سَيْفِ الْبَحْرِ فَنَجَا ، وَجَاءَ النَّفِيرُ فَوَرَدُوا مَاءَ
بَدْرٍ ، وَجَمَعَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ ، لِمَا يُرِيدُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ
[ ص: 15 ] وَنَصْرِهِمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ ، وَالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ .
وَالْغَرَضُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَلَغَهُ خُرُوجُ النَّفِيرِ ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَعِدُهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ : إِمَّا الْعِيرَ وَإِمَّا النَّفِيرَ ، وَرَغِبَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْعِيرِ ؛ لِأَنَّهُ كَسْبٌ بِلَا قِتَالٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ )
قَالَ
الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14687سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ
أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ
أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825205إِنِّي أُخْبِرْتُ عَنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهَا مُقْبِلَةٌ فَهَلْ لَكُمْ أَنْ نَخْرُجَ قَبْلَ هَذِهِ الْعِيرِ لَعَلَّ اللَّهَ يُغْنِمُنَاهَا ؟ فَقُلْنَا : نَعَمْ ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا ، فَلَمَّا سِرْنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ لَنَا : مَا تَرَوْنَ فِي قِتَالِ الْقَوْمِ ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أُخْبِرُوا بِمَخْرَجِكُمْ ؟ فَقُلْنَا : لَا وَاللَّهِ مَا لَنَا طَاقَةٌ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ ، وَلَكِنَّا أَرَدْنَا الْعِيرَ ، ثُمَّ قَالَ : مَا تَرَوْنَ فِي قِتَالِ الْقَوْمِ ؟ فَقُلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو : إذًا لَا نَقُولُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) [ الْمَائِدَةِ : 24 ] قَالَ : فَتَمَنَّيْنَا - مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ - أَنْ لَوْ قُلْنَا كَمَا قَالَ الْمِقْدَادُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَنَا مَالٌ عَظِيمٌ ، قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ .
وَرَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ لَهِيعَةَ ، بِنَحْوِهِ .
وَرَوَاهُ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى
بَدْرٍ ، حَتَّى إِذَا كَانَ
بِالرَّوْحَاءِ ، خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825206كَيْفَ تَرَوْنَ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَلَغَنَا أَنَّهُمْ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا . قَالَ : ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : كَيْفَ تَرَوْنَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ . ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : كَيْفَ تَرَوْنَ ؟ فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِيَّانَا تُرِيدُ ؟ فَوَالَّذِي أَكْرَمَكَ [ بِالْحَقِّ ] وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ، مَا سَلَكْتُهَا قَطُّ وَلَا لِي بِهَا عِلْمٌ ، وَلَئِنْ سِرْتَ [ بِنَا ] حَتَّى تَأْتِيَ " بَرْكِ الْغِمَادِ " مِنْ ذِي يَمَنٍ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ ، وَلَا نَكُونُ كَالَّذِينِ قَالُوا لِمُوسَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُتَّبِعُونَ ، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَكُونَ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ ، وَأَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ غَيْرَهُ ، فَانْظُرِ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ ، فَامْضِ لَهُ ، فَصِلْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ ، وَاقْطَعْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ ، وَعَادِ مَنْ شِئْتَ ، وَسَالِمْ مَنْ شِئْتَ ، وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى قَوْلِ سَعْدٍ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) الْآيَاتِ .
وَقَالَ
الْعَوْفِيُّ ، nindex.php?page=hadith&LINKID=825207عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : لَمَّا شَاوَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لِقَاءِ الْعَدُوِّ ، وَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَا قَالَ [ ص: 16 ] وَذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ ، أَمَرَ النَّاسَ فَعَبَّئُوا لِلْقِتَالِ ، وَأَمَرَهُمْ بِالشَّوْكَةِ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ أَهْلُ الْإِيمَانِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ )
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ : فِي الْقِتَالِ . وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ [ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ] ) أَيْ : كَرَاهِيَةً لِلِقَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، وَإِنْكَارًا لِمَسِيرِ
قُرَيْشٍ حِينَ ذُكِرُوا لَهُمْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ ) أَيْ : بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّكَ لَا تَفْعَلُ إِلَّا مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، أَنْبَأَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ) قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ ، جَادَلُوهُ فِي الْحَقِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ ) حِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى الْإِسْلَامِ ) وَهُمْ يَنْظُرُونَ ) قَالَ : وَلَيْسَ هَذَا مِنْ صِفَةِ الْآخَرِينَ ، هَذِهِ صِفَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لِأَهْلِ الْكُفْرِ .
ثُمَّ قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَلَا مَعْنَى لِمَا قَالَهُ ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ ) خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ ، وَالَّذِي يَتْلُوهُ خَبَرٌ عَنْهُمْ ، وَالصَّوَابُ قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12563وَابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ .
وَهَذَا الَّذِي نَصَرَهُ
ابْنُ جَرِيرٍ هُوَ الْحَقُّ ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ ، واللَّهُ أَعْلَمُ . .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَا حَدَّثَنَا
إِسْرَائِيلُ ، عَنْ
سِمَالٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، nindex.php?page=hadith&LINKID=825208عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ : عَلَيْكَ بِالْعِيرِ لَيْسَ دُونَهَا شَيْءٌ فَنَادَاهُ nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : وَهُوَ أَسِيرٌ فِي وِثَاقِهِ - ثُمَّ اتَّفَقَا : إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَكَ ، قَالَ : وَلِمَ ؟ قَالَ : لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - إِنَّمَا وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، وَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ .
إِسْنَادٌ جَيِّدٌ ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ ) أَيْ : يُحِبُّونَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي لَا حَدَّ لَهَا وَلَا مَنَعَةَ وَلَا قِتَالَ ، تَكُونُ لَهُمْ وَهِيَ الْعِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ) أَيْ : هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَهَا الشَّوْكَةُ وَالْقِتَالُ ، لِيُظَفِّرَكُمْ بِهِمْ وَيُظْهِرَكُمْ عَلَيْهِمْ ، وَيُظْهِرَ دِينَهُ ، وَيَرْفَعَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ ، وَيَجْعَلَهُ غَالِبًا عَلَى الْأَدْيَانِ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ ، وَهُوَ الَّذِي دَبَّرَكُمْ
[ ص: 17 ] بِحُسْنِ تَدْبِيرِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْعِبَادُ يُحِبُّونَ خِلَافَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ لَهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=216كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ [ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ] [ الْبَقَرَةِ : 216 ] ) .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12300مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16276وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ،
وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ ، عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَائِنَا ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَاجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ فِيمَا سُقْتُ مِنْ حَدِيثِ
بَدْرٍ - قَالُوا : لَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِأَبِي سُفْيَانَ مُقْبِلًا مِنَ الشَّامِ نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ ، وَقَالَ :
هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ فِيهَا أَمْوَالُهُمْ فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفِلَكُمُوهَا فَانْتَدَبَ النَّاسُ ، فَخَفَّ بَعْضُهُمْ وَثَقُلَ بَعْضُهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَظُنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْقَى حَرْبًا ، وَكَانَ
أَبُو سُفْيَانَ قَدِ اسْتَنْفَرَ حِينَ دَنَا مِنَ الْحِجَازِ يَتَجَسَّسُ الْأَخْبَارَ ، وَيَسْأَلُ مَنْ لَقِيَ مَنِ الرُّكْبَانِ ، تَخَوُّفًا عَلَى أَمْرِ النَّاسِ ، حَتَّى أَصَابَ خَبَرًا مِنْ بَعْضِ الرُّكْبَانِ : أَنَّ
مُحَمَّدًا قَدِ اسْتَنْفَرَ أَصْحَابَهُ لَكَ وَلِعِيرِكَ ، فَحَذِرَ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَاسْتَأْجَرَ
ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ ، فَبَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ
مَكَّةَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ
قُرَيْشًا فَيَسْتَنْفِرَهُمْ إِلَى أَمْوَالِهِمْ ، وَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ
مُحَمَّدًا قَدْ عَرَضَ لَهَا فِي أَصْحَابِهِ ، فَخَرَجَ
ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو سَرِيعًا إِلَى
مَكَّةَ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ "
ذَفِرَانَ " ، فَخَرَجَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِهِ نَزَلَ ، وَأَتَاهُ الْخَبَرُ عَنْ
قُرَيْشٍ بِمَسِيرِهِمْ لِيَمْنَعُوا عِيرَهُمْ
فَاسْتَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ ، وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ قُرَيْشٍ ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ ، فَأَحْسَنَ ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ ، فَأَحْسَنَ ، ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، امْضِ لِمَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ ، فَنَحْنُ مَعَكَ ، وَاللَّهِ لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) [ الْمَائِدَةِ : 24 ] وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى " بَرْكِ الْغِمَادِ " - يَعْنِي مَدِينَةَ الْحَبَشَةِ - لَجَالَدْنَا مَعَكَ مَنْ دُونِهِ حَتَّى تَبْلُغَهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرًا ، وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ - وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْأَنْصَارَ - وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَدَدَ النَّاسِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ حِينَ بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا بُرَآءُ مِنْ ذِمَامِكَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى دَارِنَا ، فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَيْنَا فَأَنْتَ فِي ذِمَمِنَا نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَوَّفُ أَلَّا تَكُونَ الْأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نُصْرَتَهُ إِلَّا مِمَّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ ، مِنْ عَدُوِّهِ ، وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إِلَى عَدُوٍّ مِنْ بِلَادِهِمْ ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ ، قَالَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَجَلْ قَالَ : فَقَالَ : فَقَدْ آمَنَّا بِكَ ، وَصَدَّقْنَاكَ ، وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَعْطَيْنَاكَ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، فَامْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أَرَدْتَ . فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، إِنِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ ، مَا يَتَخَلَّفُ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا ، إِنَّا لَصُبُرٌ عِنْدَ الْحَرْبِ ، صُدُقٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ [ أَنْ ] يُرِيَكَ مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ . فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِ سَعْدٍ ، وَنَشَّطَهُ [ ص: 18 ] ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَأَبْشِرُوا ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي الْآنَ أَنْظُرُ إِلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ .
وَرَوَى
الْعَوْفِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ هَذَا ، وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ ، وقَتَادَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، اخْتَصَرْنَا أَقْوَالَهُمُ اكْتِفَاءً بِسِيَاقِ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ .