الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1377 ( باب قدر كم يعطى من الزكاة والصدقة ومن أعطى شاة )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان قدر كم يعطى من الزكاة ، وكم يعطى من الصدقة ، وإنما لم يبين الكمية فيها اعتمادا على سبق الأفهام إليه ; لأن عادته قد جرت بمثل ذلك في مواضع كثيرة ، أما الكمية في قدر ما يعطى من الزكاة ، فقد علمت في أبواب الزكاة في كل صنف من الأصناف ، وقد أشار في الكتاب إلى أكثرها على ما يجيء إن شاء الله تعالى ، وقد علم أيضا أن التنقيص فيها من الذي نص عليه الشارع لا يجوز ، وأما الكمية في الصدقة فغير مقدرة ; لأن المتصدق محسن ، والله يحب المحسنين ، قوله " كم يعطى " على بناء المجهول ، ويجوز أن يكون على بناء المعلوم ، أي : مقدار كم يعطي المزكي في زكاته ، وكم يعطي المتصدق في صدقته ، وقال بعضهم : وحذف مفعول يعطى اختصارا لكونهم ثمانية أصناف ، وأشار بذلك إلى الرد على من كره أن يدفع إلى شخص واحد قدر النصاب ، وهو محكي ، عن أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : ليت شعري كم من ليلة سهر هذا القائل حتى سطر هذا الكلام الذي تمجه الأسماع وحذف المفعول هنا كما في قولهم " فلان يعطى ويمنع " وكيف يدل ذلك على الرد على أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - ولكن هذا يطرد في الصدقة ، ولا يطرد في الزكاة على ما لا يخفى ، قوله " والصدقة " من عطف العام على الخاص ، قيل : لو اقتصر على الزكاة لأوهم أن غيرها بخلافها .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : لا يشك أحد أن حكم الصدقة غير حكم الزكاة إذا ذكرت في مقابلة الزكاة ، وأما إذا أطلق لفظ الصدقة فتكون شاملة لهما ، قوله : " ومن أعطى شاة " عطف على قوله : " قدر كم يعطى " ، أي : وفي بيان حكم من أعطى شاة ، فكأنه أشار بذلك إلى أنه إذا أعطى شاة في الزكاة إنما تجوز إذا كانت كاملة ; لأن الشارع نص على كمال الشاة في موضع تؤخذ منه الشاة ، فإذا أعطى جزأ منها لا يجوز ، وأما في الصدقة فيجوز أن يعطي الشاة كلها ، ويجوز أن يعطي جزأ منها ، على ما يأتي بيان ذلك في حديث الباب إن شاء الله تعالى .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية