الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون أي: يجير من عذابه، ولا يجير عليه أحد من خلقه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قل فأنى تسحرون أي: كيف يخيل لكم الحق باطلا؟! وفي هذه الآي دليل على جواز جدال الكفار، وإقامة الحجة عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما اتخذ الله من ولد : الآية: في الكلام فيها حذف; والمعنى: لو كانت معه آلهة; لانفرد كل إله بخلقه، ولعلا بعضهم على بعض; أي، ولغالب بعضهم بعضا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 505 ] وقوله: قل رب إما تريني ما يوعدون : جوابه: فلا تجعلني في القوم الظالمين ، والنداء معترض; والمعنى: إما تريني ما يوعدون من إهلاكهم; فلا تهلكني معهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ادفع بالتي هي أحسن السيئة : قال الحسن: يعني: الإغضاء، والصفح.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد، وغيره: يعني: السلام، وقيل: هو منسوخ بالجهاد، وتقدير الآية: ادفع بالخلة التي هي أحسن الخلة السيئة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين يعني المس، والوسوسة، و(الهمز) في اللغة: شدة الدفع; فالشياطين يدفعون الناس إلى المعاصي بشدة الإغراء.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه [كان يعلمهم من الفزع كلمات:"أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون". ابن زيد]: همزات الشياطين خنقهم الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون : [قيل: جاء {ارجعون} ] على تعظيم الذكر للمخاطب، وقيل: استغاثوا أولا بالله عز وجل، فقال قائلهم: {رب} ، ثم رجع إلى مخاطبة الملائكة، فقال: {ارجعون} ; أي: أرجعوني إلى الدنيا، قاله ابن جريج، وقياس قول المازني أن يكون المعنى: أرجعني أرجعني، فجمع; [ ص: 506 ] ليدل على معنى التكرير، وكذلك قال في التثنية في: ألقيا في جهنم [ق:24].

                                                                                                                                                                                                                                      قال الضحاك: المراد به: أهل الشرك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون : تقدم القول في (الوراء) .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مجاهد، وابن زيد: (البرزخ) ههنا: الحاجز بين الموت والبعث، وعن مجاهد أيضا: هو الحاجز بين الميت والرجوع إلى الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك: هو ما بين الدنيا والآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل (البرزخ) : الإمهال، وكل حاجز بين شيئين فهو برزخ.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون يعني: النفخة الأولى، فإذا نفخ في الصور النفخة الثانية; قاموا ينظرون، ويتساءلون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: لا تفاخر بينهم في الأنساب كما كان في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عباس: لا يتساءلون عند النفخة الأولى، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون [الصافات: 27]: في الجنة، وقد تقدم القول في ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: تلفح وجوههم النار (اللفح) : ضرب السموم الوجه، و(الكلوح) : تقلص الشفتين عن الأسنان.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: {كالحون} : عابسون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا أي: كتبت علينا شقوة، فغلبت علينا، عن مجاهد.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 507 ] وقوله: قال اخسئوا فيها ولا تكلمون أي: ابعدوا بعد الكلاب، ولا تكلموني في رفع العذاب عنكم، وقيل: هو دلالة على الغضب عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله فاتخذتموهم سخريا (السخري) بالضم: التسخير، و(السخري) بالكسر: الهزء، وقد جاء في الهزء الضم أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون أي: جزيتهم الفوز.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: لأنهم هم الفائزون، ومن كسر; استأنف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين : سؤال توبيخ لمنكري البعث.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فاسأل العادين : قال مجاهد: يعني: الملائكة، قتادة: الحساب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قال إن لبثتم إلا قليلا أي: في طول لبثكم في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا أي: لا لشيء، وليس ذلك من صفات الحكيم عز وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 508 ] وقوله: ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به أي: لا حجة له عليه; فإنما حسابه عند ربه أي: هو يجازيه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية