الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3194 حدثنا محمد بن إسمعيل حدثنا إسمعيل بن أبي أويس حدثني ابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن عروة بن الزبير عن نيار بن مكرم الأسلمي قال لما نزلت الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لأنهم وإياهم أهل كتاب وفي ذلك قول الله تعالى ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وكانت قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث فلما أنزل الله تعالى هذه الآية خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين قال ناس من قريش لأبي بكر فذلك بيننا وبينكم زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين أفلا نراهنك على ذلك قال بلى وذلك قبل تحريم الرهان فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر كم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسم بيننا وبينك وسطا تنتهي إليه قال فسموا بينهم ست سنين قال فمضت الست سنين قبل أن يظهروا فأخذ المشركون رهن أبي بكر فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين لأن الله تعالى قال في بضع سنين وأسلم عند ذلك ناس كثير قال أبو عيسى هذا حديث صحيح حسن غريب من حديث نيار بن مكرم لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله ( حدثنا محمد بن إسماعيل ) لم يتعين لي أنه هو الإمام البخاري أو هو محمد بن إسماعيل [ ص: 39 ] السلمي أبو إسماعيل الترمذي فإنهما من شيوخ أبي عيسى الترمذي ومن أصحاب إسماعيل بن أبي أويس ( عن نيار ) بكسر النون وتخفيف التحتانية ( بن مكرم ) بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه صحابي عاش إلى أول خلافة معاوية وأنكر ابن سعد أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فذكره في الطبقة الأولى من أهل المدينة وقال : سمع من أبي بكر وكان ثقة قليل الحديث . قوله : ( يصيح في نواحي مكة ) أي ينادي فيها من الصياح وهو الصوت بأقصى الطاقة ( زعم صاحبك ) يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وتواضعوا الرهان ) أي تواطئوا عليه . قوله : ( هذا حديث صحيح غريب ) قال الحافظ ابن كثير بعد ذكر هذا الحديث : وقد روي نحو هذا مرسلا عن جماعة من التابعين مثل عكرمة ، والشعبي ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، والزهري ، وغيرهم انتهى . قلت : أخرج ابن جرير في تفسيره رواية عكرمة ، والشعبي ، ومجاهد ، وقتادة رحمهم الله تعالى .

                                                                                                          [ ص: 40 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية