الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا شهد شاهدان [ ص: 28 ] على الرجل بطلاق وهو يجحده فقضى القاضي بالفرقة وبنصف المهر لها ثم مات الرجل ثم رجعا عن شهادتهما غرما لورثة الزوج نصف المهر الذي أخذته المرأة ; لأنهما لو رجعا في حياة الزوج كانا ضامنين ذلك له وقد نبه بعد موته أنهم يحلفونه فيضمنون ذلك للورثة إذا رجعوا بعد الموت أيضا ولا ميراث للمرأة منه إن كانت ادعت الطلاق أو لم تدع إن أقر الورثة أنه طلقها أو لم يطلقها ; لأنها قد بانت في حياته وإنما تستحق الميراث بالنكاح إذا انتهى بالوفاة فإذا بانت في حياته وصحته بقضاء القاضي لم تكن هي وارثة له فلا ينفعها قول الورثة والشهود ما أتلفوا عليها شيئا من الميراث ; لأنهم شهدوا بالفرقة في حياة الزوج ولم تكن هي مستحقة للميراث عند ذلك لجواز أن تموت قبله ولو كانا شهدا بذلك بعد موت الزوج وادعى ذلك الورثة فقضى القاضي لها بنصف المهر في ماله ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا للمرأة نصف المهر والميراث ; لأن حقها في جميع المهر قد تقرر بموت الزوج واستحقت الميراث أيضا فإنما بطل حقها عن نصف المهر وعن الميراث بشهادتهما بالفرقة في حال الحياة فيضمنان ذلك عند الرجوع ولا يضمنان لسائر الورثة شيئا ; لأنهما لم يتلفا على سائر الورثة شيئا قد تقرر حقها في جميع المهر بموت الزوج قبل ظهور الفرقة فهما نفعا للورثة بإسقاط نصف مهرها وميراثها عنهم فلهذا لم يضمنا للورثة شيئا والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية