الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1420 91 - حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كخ كخ ليطرحها، ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "أنا لا نأكل الصدقة" والحديث مضى بأتم منه في باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل، وقد ذكرنا هناك ما يتعلق به، وهنا زيادة وهي قوله: "كخ كخ" بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء المعجمة ويجوز كسرها مع التنوين، فتصير ست لغات، وإنما كرر للتأكيد، وهي كلمة تزجر بها الصبيان عند مناولة ما لا ينبغي الإتيان به، قيل: هي عربية. وقيل: أعجمية.

                                                                                                                                                                                  وقال الداودي: هي معربة، وقد أوردها البخاري في باب من تكلم بالفارسية، والمعنى هنا: اتركه وارم به.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أما شعرت" هذه اللفظة تقال في الشيء الواضح التحريم ونحوه وإن لم يكن المخاطب عالما به، أي: كيف خفي عليك مع ظهور تحريمه، وهذا أبلغ في الزجر عنه بقوله: لا تفعله.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): روى أحمد من رواية حماد بن سلمة عن محمد [ ص: 87 ] ابن زياد "فنظر إليه فإذا هو يلوك تمرة، فحرك خده وقال: ألقها يا بني ألقها يا بني" فما التوفيق بينه وبين قوله: "كخ كخ".

                                                                                                                                                                                  (قلت): هو أنه كلمه أولا بهذا، فلما تمادى قال: "كخ كخ" إشارة إلى استقذار ذلك، وقد ذكرنا الحكمة في تحريمها عليهم أنها مطهرة للملاك ولأموالهم، قال تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم فهي كغسالة الأوساخ، وأن آل محمد منزهون عن أوساخ الناس وغسالاتهم.

                                                                                                                                                                                  وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم "الصدقة أوساخ الناس" كما رواه مسلم.

                                                                                                                                                                                  وإما أن أخذها مذلة واليد السفلى، ولا يليق بهم الذل والافتقار إلى غير الله تعالى، ولهم اليد العليا. وإما أنها لو أخذوها لطال لسان الأعداء بأن محمدا يدعونا إلى ما يدعونا إليه ليأخذ أموالنا ويعطيها لأهل بيته، قال تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا ولهذا أمر أن تصرف إلى فقرائهم في بلدهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إنا لا نأكل الصدقة" وفي رواية مسلم: "إنا لا تحل لنا الصدقة" وفي رواية معمر: "إن الصدقة لا تحل لآل محمد" وفي رواية الطحاوي: " إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة".



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية