الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      باب

                                                                                      أخبرتنا ست الأهل بنت علوان ، قالت : أخبرنا البهاء عبد الرحمن ، قال : أخبرنا منوجهر بن محمد ، قال : أخبرنا هبة الله بن أحمد ، قال : حدثنا الحسين بن علي بن بطحا ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين الحراني ، قال : أخبرنا محمد بن سعيد الرسعني ، قال : أخبرنا المعافى بن سليمان ، قال : حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، [ ص: 81 ] قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . فقال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ( 45 ) ) [ الأحزاب ] وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا سخاب بالأسواق ، ولا يدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، فيفتح به أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا . قال عطاء : ثم لقيت كعب الأحبار فسألته ، فما اختلفا في حرف ، إلا أن كعبا يقول بلغته : أعينا عمومى وآذانا صموما وقلوبا غلوفى . أخرجه البخاري ، عن العوفي ، عن فليح .

                                                                                      وقد رواه سعيد بن أبي هلال ، عن هلال بن أسامة ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن سلام ، فذكر نحوه . ثم قال عطاء : وأخبرني أبو واقد الليثي أنه سمع كعب الأحبار يقول مثل ما قال ابن سلام .

                                                                                      قلت : وهذا أصح فإن عطاء لم يدرك كعبا .

                                                                                      وروى نحوه أبو غسان محمد بن مطرف ، عن زيد بن أسلم ، أن عبد الله بن سلام قال : صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة ، وذكر الحديث .

                                                                                      وروى عطاء بن السائب ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه ، قال : إن الله ابتعث نبيه لإدخال رجل الجنة ، فدخل الكنيسة ، فإذا هو بيهود ، وإذا بيهودي يقرأ التوراة ، فلما أتوا على صفة النبي صلى الله عليه وسلم أمسكوا ، وفي ناحية الكنيسة رجل مريض ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما لكم أمسكتم ؟ " قال المريض : أتوا على صفة نبي فأمسكوا ، ثم جاء المريض [ ص: 82 ] يحبو حتى أخذ التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأمته ، فقال : هذه صفتك وأمتك أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لوا أخاكم " . أخرجه أحمد بن حنبل في " مسنده " .

                                                                                      أخبرنا جماعة عن ابن اللتي أن أبا الوقت أخبره ، قال : أخبرنا الداودي ، قال : أخبرنا ابن حمويه ، قال : أخبرنا عيسى السمرقندي ، قال : أخبرنا الدارمي ، قال : أخبرنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا معن بن عيسى ، قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي فروة ، عن ابن عياش أنه سأل كعبا : كيف تجد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ؟ قال : نجده محمد بن عبد الله ، يولد بمكة ، ويهاجر إلى طابة ، ويكون ملكه بالشام ، وليس بفحاش ، ولا سخاب في الأسواق ، ولا يكافئ بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، أمته الحمادون ، يحمدون الله في كل سراء ، ويكبرون الله على كل نجد ، يوضئون أطرافهم ، ويأتزرون في أوساطهم ، يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم ، دويهم في مساجدهم كدوي النحل ، يسمع مناديهم في جو السماء . قلت : يعني الأذان .

                                                                                      وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق : حدثني محمد بن ثابت بن شرحبيل ، عن أم الدرداء ، قالت : قلت لكعب الحبر : كيف تجدون صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة . فذكر نحو حديث عطاء .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية