الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1431 101 - حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو عمرو الأوزاعي قال: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال: حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه قال: غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم خمسة:

                                                                                                                                                                                  الأول: إبراهيم بن المنذر -بضم الميم وسكون النون وكسر الذال المعجمة من الإنذار ضد الإبشار - وكنيته أبو إسحاق الحزامي بالزاي القرشي الأسدي.

                                                                                                                                                                                  الثالث: أبو عمرو الأوزاعي، واسمه عبد الرحمن بن عمرو.

                                                                                                                                                                                  الرابع: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، واسمه زيد بن سهل الأنصاري ابن أخي أنس بن مالك يكنى أبا يحيى.

                                                                                                                                                                                  الخامس: أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وبصيغة الإفراد في موضعين.

                                                                                                                                                                                  وفيه القول في موضع واحد.

                                                                                                                                                                                  وفيه أن شيخه من أفراده وأنه ذكر منسوبا إلى جده، واسم أبيه عبد الله بن المنذر، وأنه وإسحاق مدنيان، وأن الوليد والأوزاعي دمشقيان.

                                                                                                                                                                                  وفيه أحد الرواة مذكور بكنيته ونسبته وهو الأوزاعي.

                                                                                                                                                                                  وفيه رواية الراوي عن عمه وهو إسحاق.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم أيضا في اللباس عن هارون بن معروف، وفي بعض النسخ عن هرمز بن معروف.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه): قوله: "غدوت" من الغدو وهو الرواح من أول النهار.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ليحنكه" من التحنيك وهو أن يمضغ التمرة ويجعلها في فم الصبي، ويحك بها في حنكه بسبابته حتى يتحلل في حنكه، والحنك أعلى داخل الفم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فوافيته" من الموافاة وهو الإتيان، يقال: وافيته إذا أتيته.

                                                                                                                                                                                  قوله: "الميسم" بكسر الميم وفتح السين المهملة وهو المكوى، وهو الآلة التي يكوى بها.

                                                                                                                                                                                  وقيل: بالشين المعجمة والمهملة.

                                                                                                                                                                                  وقيل: بينهما فرق، فبالمهملة يكون الكي في الوجه وبالمعجمة في سائر الجسد .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 107 ] وفي (الجامع): الميسم الحديدة التي يوسم بها، والجمع مواسم، وأصل ميسم موسم، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وهذه قاعدة مطردة.

                                                                                                                                                                                  ولم يبين في هذه الرواية الموضع الذي كان صلى الله عليه وسلم يسم فيه إبل الصدقة، وبين ذلك في رواية أخرى، فإذا هو في مربد الغنم.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه):

                                                                                                                                                                                  فيه إباحة الكي في الحيوان.

                                                                                                                                                                                  وقال قوم من الشافعية: الكي مستحب في نعم الزكاة والجزية، وجائز في غيرها، والمستحب أن يسم الغنم في آذانها والإبل والبقر في أصول أفخاذها، وفي رواية لأحمد وابن ماجه: يسم الغنم في آذانها.

                                                                                                                                                                                  ووسم الآدمي حرام وغير الآدمي في الوجه منهي عنه.

                                                                                                                                                                                  وفائدته تمييز الحيوان بعضه من بعض، وليرده من أخذه، ومن التقطه يعرفه، وإذا تصدق به لا يعود إليه، ويستحب أن يكتب في ماشية الزكاة "زكاة" أو "صدقة".

                                                                                                                                                                                  ونقل ابن الصباغ وغيره إجماع الصحابة على ذلك.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: وفي حديث الباب حجة على من كره الوسم من الحنفية بالميسم؛ لدخوله في عموم النهي عن المثلة، وقد ثبت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنه مخصوص من العموم المذكور للحاجة كالختان في الآدمي.

                                                                                                                                                                                  (قلت): ذكر أصحابنا في كتبهم: لا بأس بكي البهائم للعلامة؛ لأن فيه منفعة، وكذا لا بأس بكي الصبيان إذا كان لداء أصابهم؛ لأن ذاك مداواة.

                                                                                                                                                                                  وقال المهلب وغيره في هذا الحديث: إن للإمام أن يتخذ ميسما وليس للناس أن يتخذوا نظيره وهو كالخاتم.

                                                                                                                                                                                  وفيه اعتناء الإمام بأموال الصدقة وتوليها بنفسه.

                                                                                                                                                                                  وفيه جواز إيلام الحيوان للحاجة.

                                                                                                                                                                                  وفيه قصد أهل الفضل والصلاح لتحنيك المولود؛ لأجل البركة.

                                                                                                                                                                                  وفيه مباشرة أعمال المهنة، وترك الاستطابة فيها؛ للرغبة في زيادة الأجر ونفي الكبر.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية