الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3110 - "الأيمن فالأيمن" ؛ مالك ؛ (حم ق ع)؛ عن أنس ؛ (صح) .

التالي السابق


(الأيمن فالأيمن) ؛ أي: ابتدؤوا بالأيمن؛ أو قدموا الأيمن؛ يعني: من عند اليمين؛ في نحو الشرب ؛ فهو منصوب؛ وروي رفعه؛ وخبره محذوف؛ أي: "الأيمن أحق"؛ ورجحه العيني بقوله في بعض طرق الحديث: "الأيمنون فالأيمنون" ؛ وكرر لفظ "الأيمن"؛ للتأكيد؛ إشارة إلى ندب البداءة بالأيمن؛ ولو مفضولا؛ وحكي عليه الاتفاق؛ بل قال ابن حزم : لا يجوز مناولة غير الأيمن إلا بإذنه؛ قال ابن العربي : وكل ما يدور على جمع؛ من كتاب؛ أو نحوه؛ فإنما يدور على اليمين؛ قياسا على ما ذكر؛ وتقديم من [ ص: 191 ] على اليمين ليس لمعنى فيه؛ بل المعنى في جهة اليمين؛ وهو فضلها على جهة اليسار؛ فيؤخذ منه أن ذلك ليس ترجيحا لمن عن اليمين؛ بل لجهته؛ ولا يعارض هذا ما مر في خبر الأمر بمناولة السواك الأكبر؛ ولا ما يجيء في خبر من قوله في القسامة: "كبر كبر" ؛ ولا قوله في حديث أبي يعلى : كان إذا سقى قال: "ابدؤوا بالكبير" لحمله على الحالة التي يجلسون فيها متساوين بين يديه؛ أو عن يساره؛ أو خلفه؛ فتخص هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن؛ أو يخص من عموم الأمر بالبداءة بالكبير ما لو قعد بعض عن يمين الرئيس؛ وبعض عن يساره؛ ففي هذه الصورة يقدم الصغير على الكبير؛ والمفضول على الفاضل؛ فالأيمن لم يمتز بمجرد القعود في الجهة اليمنى؛ بل لخصوص كونها يمين الرئيس؛ فالفضل إنما فاض عليه من الأفضل؛ وأخذ من الحديث أن كل ما كان من أنواع التكريم يقدم فيه من على اليمين .

( مالك ؛ حم ق ع؛ عن أنس ) ؛ قال: أتي النبي بلبن شيب بماء؛ وعن يمينه أعرابي؛ وعن شماله أبو بكر ؛ فشرب؛ ثم أعطى الأعرابي ؛ ثم ذكره؛ وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله عند الكل؛ والأمر بخلافه؛ بل بقيته عند مخرجه البخاري : "ألا فيمنوا" ؛ هذا لفظه في كتاب الكتابة؛ وفيه ندب التيامن؛ وتفضيل اليمين على الشمال؛ وأن ما يتناول من نحو طعام وشراب؛ فالسنة إدارته من جهة اليمين ؛ وأن الجلوس عن يمين الإمام والعالم؛ أفضل؛ وأن كل من أكل أو شرب في مجلس؛ ندب له أن يشرك أهل المجلس فيه؛ وأن من جلس مجلسا مشتركا؛ فهو أولى بمجلسه؛ ولا يقام عنه؛ وإن كان ثم أفضل منه؛ وغير ذلك.




الخدمات العلمية