الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والأيمان على ضربين : ماض ومستقبل ؛ والماضي ينقسم قسمين لغو وغموس ، ولا كفارة في واحد منهما . والمستقبل ضرب واحد ، وهو اليمين المعقودة ، وفيها الكفارة إذا حنث . وقال مالك والليث مثل قولنا في الغموس أنه لا كفارة فيها . وقال الحسن بن صالح والأوزاعي والشافعي : " في الغموس الكفارة " . وقد ذكر الله تعالى هذه الأيمان الثلاث في الكتاب ، فذكر في هذه الآية اليمين اللغو والمعقودة جميعا بقوله : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان وقال في سورة البقرة : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والمراد به والله أعلم الغموس لأنها هي التي تتعلق المؤاخذة فيها بكسب القلب وهو المأثم وعقاب الآخرة دون الكفارة ؛ إذ لم تكن الكفارة متعلقة بكسب القلب ، ألا ترى أن من حلف على معصية كان عليه أن يحنث فيها وتلزمه الكفارة مع ذلك ؟ فدل على أن قوله : ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم المراد به اليمين الغموس التي يقصد بها إلى الكذب ، وأن المؤاخذة بها هي عقاب الآخرة وذكره للمؤاخذة بكسب القلب في هذه الآية عقيب ذكره اللغو في اليمين ، يدل على أن اللغو هو الذي لم يقصد فيه إلى الكذب وأنه ينفصل من الغموس بهذا المعنى

التالي السابق


الخدمات العلمية