الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3314 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث قال حدثني أبو الأسود عن عروة بن الزبير قال كان عبد الله بن الزبير أحب البشر إلى عائشة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وكان أبر الناس بها وكانت لا تمسك شيئا مما جاءها من رزق الله إلا تصدقت فقال ابن الزبير ينبغي أن يؤخذ على يديها فقالت أيؤخذ على يدي علي نذر إن كلمته فاستشفع إليها برجال من قريش وبأخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة فامتنعت فقال له الزهريون أخوال النبي صلى الله عليه وسلم منهم عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث والمسور بن مخرمة إذا استأذنا فاقتحم الحجاب ففعل فأرسل إليها بعشر رقاب فأعتقتهم ثم لم تزل تعتقهم حتى بلغت أربعين فقالت وددت أني جعلت حين حلفت عملا أعمله فأفرغ منه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الرابع حديث جبير بن مطعم في السؤال عن بني نوفل وعبد شمس ، تقدم شرحه في كتاب الخمس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كان عبد الله بن الزبير أحب البشر إلى عائشة ) هو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر وكانت قد تولت تربيته حتى كانت تكنى به .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكانت لا تمسك شيئا ) أي لا تدخر شيئا مما يأتيها من المال . ( ينبغي أن يؤخذ على يديها ) أي يحجر عليها وصرح بذلك في حديث المسور بن مخرمة كما سيأتي بأوضح من هذا السياق لهذه القصة في كتاب الأدب وسأذكر شرحه هناك إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقالت وددت أني جعلت حين حلفت عملا أعمله فأفرغ منه ) استدل به على انعقاد النذر المجهول ، وهو قول المالكية لكنهم يجعلون فيه كفارة يمين ، وظاهر قول عائشة وصنيعها أن ذلك لا يكفي وأنه يحمل على أكثر ما يمكن أن ينذر ، ويحتمل أن تكون فعلت ذلك تورعا لتيقن براءة الذمة ، وأبعد من قال تمنت أن يدوم لها العمل الذي عملته للكفارة أي تصير تعتق دائما ، وكذا من قال تمنت أنها بادرت إلى الكفارة حين حلفت ولم تكن هجرت عبد الله بن الزبير تلك المدة ، ووجه بعد الأول أنه لم يكن في السياق ما يقتضي منعها من العتق فكيف تتمنى ما لا مانع لها من إيقاعه ثم إنه يقيد باقتدارها عليه لا إلزامها به مع عدم الاقتدار ، وأما بعد الثاني فلقولها في بعض طرق الحديث كما سيأتي إنها كانت تذكر نذرها فتبكي حتى يبل دمعها خمارها ، فإن فيه إشارة إلى أنها كانت تظن أنها ما وفت بما يجب عليها من الكفارة . واستشكل ابن التين وقوع الحنث عليها بمجرد دخول ابن الزبير مع الجماعة قال : إلا أن يكون لما سلموا عند دخولهم ردت عليهم السلام وهو في جملتهم فوقع الحنث قبل أن يقتحم الحجاب انتهى . وغفل عما وقع في حديث المسور الذي أشرت إليه وفيه " فقالت عائشة إني نذرت والنذر شديد فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير " مع أن التأويل الذي تأوله ابن التين لو لم يرد هذا التصريح لكان متعقبا ، ووجهه أنه يجوز لها رد السلام عليهم إذا نوت إخراجه ولا تحنث بذلك ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية