الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد حررت أبيات الوهبانية على وقف ما في شرحها للشرنبلالي فقلت : وواهب دين ليس يرجع مطلقا وإبراء ذي نصف يصح المحرر     على حجها أو تركه ظلمه لها
إذا وهبت مهرا ولم يوف يخسر     معلق تطليق بإبراء مهرها
وإنكاح أخرى لو برد فيظفر [ ص: 711 ]     وإن قبض الإنسان مال مبيعه
فأبرأ يؤخذ منه كالدين أظهر     ومن دون أرض في البناء صحيحة
وعندي فيه وقفة فيحرر قلت : وجه توقفي تصريحهم في كتاب الرهن بأن رهن البناء دون الأرض وعكسه لا يصح ; لأنه كالشائع فتأمله وأشرت ب " أظهر " لما في العمادية عن خواهر زاده أنه لا يرجع واختاره بعض المشايخ ، فيظفر أي بنكاح ضرتها ; لأنه برده للإبراء أبطله فلا حنث فليحفظ ا هـ .

التالي السابق


( قوله مطلقا ) أي سواء قبل المديون أو لا ، وقيل : لا بد من القبول ، ويظهر لك منه ما في كلام البحر حيث قال أول باب الرجوع : وأطلق الهبة فانصرفت إلى الأعيان ، فلا رجوع في هبة الدين للمديون بعد القبول ، بخلافه قبله لكونها إسقاطا ا هـ وكأنه اشتبه عليه الرد بالرجوع تأمل ( قوله : وإبراء ذي نصف إلخ ) قالقاضي خان : وإذا كان دين بين شريكين فوهب أحدهما نصيبه من المديون جاز ، وإن وهب نصف الدين مطلقا ينفذ في الربع كما لو وهب نصف العبد المشترك ا هـ كذا في الهامش ( قوله : على حجها إلخ ) اشتمل البيت على مسألتين : الأولى امرأة تركت مهرها للزوج على أن يحج بها ، فلم يحج بها قال محمد بن مقاتل : إنها تعود بمهرها ; لأن الرضا بالهبة كان بشرط العوض ، فإذا انعدم العوض انعدم الرضا ، والهبة لا تصح بدون الرضا .

والثانية : إذا قالت لزوجها : وهبت مهري منك على أن لا تظلمني فقبل صحت الهبة فلو ظلمها بعد ذلك فالهبة ماضية ، وقال بعضهم : مهرها باق إن ظلمها كذا في الهامش ( قوله : معلق تطليق إلخ ) البيت الشرنبلالي نظم فيه مسألة سئل عنها وهي قال لها متى نكحت عليك أخرى ، وأبرأتني من مهرك فأنت طالق ، فهل إذا ادعى أنه أوفاها المهر فلم يبق ما تبرئه عنه ، وأنكرت يقبل في عدم الحنث ، وإن لم يقبل بالنظر بسقوط حقها كما يقبل قوله : لو اختلفا في وجود الشرط ؟ فأجاب : إن رد ا لإبراء لم يحنث ; لأنه لو كان كما ادعت فرده أبطله ، وإن كان كما ادعى فالرد معتبر لبطلان الإبراء المقتضي للحنث ، وإنما اعتبر الرد مع دعوى الدفع لما يأتي أنه إذا قبض دينه ثم أبرأ غريمه وقبل ، صح الإبراء ، ويرجع عليه بما قبض . ا هـ ملخصا ، ومفهومه : أنه [ ص: 711 ] لو لم يقبل لم يصح الإبراء قال : وإنما سطرته دفعا لما يتوهم من الحنث بمجرد الإبراء ، وانظر ما ذكره الشارح في آخر باب التعليق وقال في الهامش : أي إذا علق طلاق امرأته على نكاح أخرى مع الإبراء عن المهر فتزوج فادعت امرأته الإبراء فادعى دفع المهر فالقول له في عدم الحنث لكن قال في الأشباه : وعلى أن الإبراء بعد القضاء صحيح لو علق طلاقها بإبرائها عن المهر ثم دفعه لها لا يبطل التعليق فإذا أبرأته براءة إسقاط وقع . ا هـ كذا في الهامش ( قوله : وإن قبض الإنسان ) باع متاعا وقبض الثمن من المشتري ، ثم أبرأ البائع المشتري من الثمن بعد القبض يصح إبراؤه ويرجع المشتري على البائع بما كان دفعه إليه من الثمن كذا في الهامش ( قوله : صحيحة ) أي هي صحيحة كذا في الهامش ( قوله أي بنكاح ) عبارة الشرنبلالي أي بقهر المرأة لبقائها في نكاحه مع الضرة ، وهو الأنسب حيث كان المعلق طلاقها لا طلاق الضرة .

[ فائدة ] قال الزاهدي في كتابه المسمى : بحاوي مسائل المنية للقاضي عبد الجبار انتهب وسادة كرسي العروس وباعها بحل إن كانت وضعت للنهب ا هـ .

أقول : وعليه يقاس شمع الأعراس والموالد رملي على المنح والله - سبحانه - أعلم .

قال الفقير إلى الباري - سبحانه - المرتجى كرمه وإحسانه وامتنانه محمد علاء الدين ابن المؤلف هذا آخر ما وجدته على نسخة شيخنا المؤلف المرحوم الوالد السيد محمد أفندي عابدين عليه رحمة أرحم الراحمين وأحسن له الفوائد ، ولكن يحتاج بعضه إلى مراجعة أصله المنقول عنه فإنه لم يظهر لي وليس عندي أصله لأرجع إليه ، والله المسئول ، وعليه التكلان ونسأله - سبحانه - التوفيق لأقوم طريق وهو حسبي ، ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وذلك في خامس وعشري صفر الخير نهار الأربعاء قبيل الظهر سنة ألف ومائتين وستين أحسن الله ختامها آمين .




الخدمات العلمية