الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              355 362 - حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، عن سفيان قال: حدثني أبو حازم، عن سهل قال: كان رجال يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عاقدي أزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان، وقال للنساء: " لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا". [814، 1215 - مسلم: 441 - فتح: 1 \ 473] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث جابر وفيه: "ما السرى يا جابر؟ " فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال: "ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ " قلت: كان ثوب. يعني: ضاق. قال: "فإن كان واسعا فالتحف به، وإن كان ضيقا فاتزر به".

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أفراد البخاري، من طريق سعيد بن الحارث عنه. ورواه مسلم من حديث عبادة عنه، في الحديث الطويل، "يا جابر: إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقا فاشدده على حقويك".

                                                                                                                                                                                                                              والسرى: سير الليل، فالمعنى: لأي شيء سراك الليلة.

                                                                                                                                                                                                                              والاشتمال: الالتفاف بالثوب ولا يخرج يده منه، فلذا أنكره.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: طلب الحوائج ليلا من السلطان بخلاء موضعه وسره.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 293 ] ثم ذكر فيه أيضا حديث سهل: كان رجال يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عاقدي أزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان، وقال للنساء: "لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا".

                                                                                                                                                                                                                              وهذا قد علق البخاري بعضه، فيما مضى قريبا وأسنده هنا عن مسدد ثنا يحيى، عن سفيان، عن أبي حازم، عن سهل وسيأتي أيضا قريبا، ويثبت هذا الحديث أن ثياب أولئك الرجال قصيرة وكساويهم قليلة لمكان العقد، فأمر النساء ألا يرفعن رءوسهن حتى يستوي الرجال جلوسا، لئلا يشاهدن عورة الرجال. ولا خلاف أنه لو كشفت الريح مئزره أو ثوبه وظهرت عورته، ثم رجع الثوب من حينه أن صلاته لا تبطل، وكذلك المأموم إذا رأى من العورة ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن القاسم: إن فرط في رد إزاره فصلاته وصلاة من تأمل عورته باطلة. وعن سحنون: إن رفع الريح ثوب الإمام، فانكشف عن دبره، فأخذه مكانه أجزأه ويعيد كل من نظر إلى عورته، ممن خلفه ولا شيء على من لم ينظر.

                                                                                                                                                                                                                              وروي عنه أيضا: أن صلاته وصلاة من خلفه فاسدة. وإن أخذه مكانه، وعند أحمد: يعفى عن القليل من العورة، وإلا لم يحده. واغتفر بعض الأئمة دون الربع.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 294 ] واختلف عندهم في الدبر والإليتين، فقيل: الكل عورة واحدة، فيعتبر ربعه، وقيل: كل إلية عورة، والدبر ثالثهما، وعند الشافعي: القليل والكثير سواء، حتى الشعرة من رأس الحرة وظفرها. وعند الحنفية أن انكشاف القليل لا يمنع، وكذا الكثير في زمن قليل، وهو أن لا يؤخر عنه ركنا من أركان الصلاة، ولا يصح شروعه مع الانكشاف.

                                                                                                                                                                                                                              وعندهم قول: إن من نظر من زيقه ورأى فرجه تبطل صلاته، وكذا إذا كان قميصه محلول الجيب وانفتح حتى رأى عورة نفسه وإن لم ينظر. فعلى هذا: الستر شرط من نفسه، وعامة أصحابهم جعلوه شرطا من غيره فقط؛ لأنها ليست عورة في حق نفسه.

                                                                                                                                                                                                                              وحكى الأول شيخنا قطب الدين في "شرحه" عن "شرح الهداية" عن الشافعي وأحمد وتابعه عن شرحه، ولا أعرفه عن الشافعي. قيل: مذهبه الصحة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية