الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                231 حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء وإسحق بن إبراهيم جميعا عن وكيع قال أبو كريب حدثنا وكيع عن مسعر عن جامع بن شداد أبي صخرة قال سمعت حمران بن أبان قال كنت أضع لعثمان طهوره فما أتى عليه يوم إلا وهو يفيض عليه نطفة وقال عثمان حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافنا من صلاتنا هذه قال مسعر أراها العصر فقال ما أدري أحدثكم بشيء أو أسكت فقلنا يا رسول الله إن كان خيرا فحدثنا وإن كان غير ذلك فالله ورسوله أعلم قال ما من مسلم يتطهر فيتم الطهور الذي كتب الله عليه فيصلي هذه الصلوات الخمس إلا كانت كفارات لما بينها

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                وقوله : ( عن جامع بن شداد أبي صخرة ) هو بفتح الصاد المهملة ثم خاء معجمة ساكنة ثم راء ثم هاء وقد تقدم ضبطه .

                                                                                                                قوله : ( فما أتى عليه يوم إلا وهو يفيض عليه نطفة ) ( النطفة ) بضم النون وهي الماء القليل ، ومراده لم يكن يمر عليه يوم إلا اغتسل فيه ، وكانت ملازمته للاغتسال محافظة على تكثير الطهر وتحصيل ما فيه من عظيم الأجر الذي ذكره في حديثه . والله أعلم .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما أدري أحدثكم بشيء أو أسكت ؟ قال فقلنا : يا رسول الله إن كان خيرا فحدثنا ، [ ص: 468 ] وإن كان غير ذلك فالله ورسوله أعلم ) . أما قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما أدري أحدثكم أو أسكت ؟ ) فيحتمل أن يكون معناه ما أدري هل ذكري لكم هذا الحديث في هذا الزمن مصلحة أم لا ؟ ثم ظهرت مصلحته في الحال عنده - صلى الله عليه وسلم - فحدثهم به لما فيه من ترغيبهم في الطهارة وسائر أنواع الطاعات ، وسبب توقفه أولا أنه خاف مفسدة اتكالهم ، ثم رأى المصلحة في التحديث به . وأما قولهم ( إن كان خيرا فحدثنا ) فيحتمل أن يكون معناه إن كان بشارة لنا وسببا لنشاطنا وترغيبنا في الأعمال أو تحذيرا وتنفيرا من المعاصي والمخالفات فحدثنا به ; لنحرص على عمل الخير والإعراض عن الشر ، وإن كان حديثا لا يتعلق بالأعمال ولا ترغيب فيه ولا ترهيب فالله ورسوله أعلم ، ومعناه فر فيه رأيك . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( ما من مسلم يتطهر فيتم الطهور الذي كتب الله تعالى عليه فيصلي هذه الصلوات الخمس إلا كانت كفارة لما بينهن ) هذه الرواية فيها فائدة نفيسة وهي قوله - صلى الله عليه وسلم - الطهور الذي كتبه الله عليه فإنه دال على أن من اقتصر في وضوئه على طهارة الأعضاء الواجبة وترك السنن والمستحبات كانت هذه الفضيلة حاصلة له ، وإن كان من أتى بالسنن أكمل وأشد تكفيرا . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية