الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
روى الحاكم في تاريخه قال إذا أخطأت الصنيعة إلى من يتقي الله فاصطنعها إلى من يتقي العار وعن لقمان عليه السلام أنه قال لابنه يا بني لا تكن حلوا ولا تكن مرا فتلفظ ولأبي العتاهية من يكن للناس حلوا يثبت الناس عليه . وذكر ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس عن معاذ بن جبل رضي الله عنه [ ص: 572 ] قال : إياك وكل جليس لا يفيدك علما .

وقال ابن مسعود ثلاث من كن فيه ملأ الله قلبه إيمانا صحبة الفقيه ، وتلاوة القرآن ، والصيام . وتباعد كعب الأحبار يوما في مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأنكر ذلك عليه ، فقال يا أمير المؤمنين إن في حكمة لقمان ووصيته لابنه إذا جلست إلى ذي سلطان فليكن بينك وبينه مقعد رجل فلعله يأتيه من هو آثر عنده منك فينحيك فيكون نقصا عليك .

وقال بعض الحكماء رجلان ظالمان يأخذان غير حقهما رجل وسع له في مجلس ضيق فتربع وانتفخ ، ورجل أهديت له نصيحة فجعلها ذنبا وقال زياد يعجبني من الرجال من إذا أتى مجلسا يعرف أين يكون مجلسه وإني لآتي المجلس فأدع مالي مخافة أن أدفع عما ليس لي وكان الأحنف إذا أتاه رجل أوسع له فإن لم يكن له سعة أراه كأنه يوسع له .

وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى لا تجالس عدوك فإنه يحفظ عليك سقطاتك ويماريك في صوابك وقال بعضهم : إن الجليس يقول القول تحسبه خيرا ، وهيهات ; فانظر ما به التمس . انتهى كلام ابن عبد البر .

وقال الصاحب بن عباد :

إذا أدناك سلطان فزده من التعظيم واحذره وراقب     فما السلطان إلا البحر عظما
وقرب البحر محذور العواقب

وقيل إذا زادك الملك تأنيسا فزده إجلالا ، وقد كان عمر يعظم ابن عباس ويحضره مع المهاجرين الأولين رضي الله عن الجميع وامتنع عن القول بعدم العول زمن عمر وقيل له في ذلك فقال كان رجلا مهيبا فهبته وقال بعض الحكماء من زال عن أبصار الملوك زال عن قلوبهم .

وقال الفضل بن الربيع من آداب صحبة الملوك أن لا يسأل الملك عن حاله ولا يشمت ولا يعلم ولا يسلم عليه ، كذا قال والصواب اتباع السنة [ ص: 573 ] وهذا يختلف بحسب الزمان وعادة الملوك وقد قال يحيى بن معاذ أخوك من ذكرك العيوب وصديقك من حذرك الذنوب .

وقال الصاحب بن عباد :

لقد صدقوا وللراقصات إلى منى     بأن مودات العدى ليس تنفع
ولو أنني داريت دهري حية     إذا استمكنت يوما من اللسع تلسع

وقال ابن وكيع :

لاق بالبشر من لقيت من الناس     وعاشر بأحسن الإنصاف
لا تخالف وإن أتوا بمحال     تستفد ودهم بترك الخلاف

وروى أحمد في الورع عن يونس بن عبيد قال ما أعلم شيئا أقل من درهم طيب ينفقه صاحبه في حقه أو أخ تسكن إليه في الإسلام وما يزدادان إلا قلة

وقال ابن عبد البر في الخبر المرفوع { شيئان لا يزدادان إلا قلة : درهم حلال ، أو أخ في الله تسكن إليه } وقال ابن عجلان ثلاثة لا أقل منهن ولا يزددن إلا قلة : درهم حلال تنفقه في حلال ، وأخ في الله تسكن إليه وأمين تستريح إلى الثقة به .

التالي السابق


الخدمات العلمية