الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( مسألة ) هي فائدة حسنة أكثر الفقهاء يبحث عن ترتيب الوضوء وتنكيسه ولا يعلم كم يحصل من صور الوضوء مرتبا ومنكسا والمتحصل من ذلك أربعة وعشرون وضوءا مرتبا ومنكسا على سبيل الحصر من غير زيادة وتقريره بالطريق المتقدم في البيت بأن تقول الوجه واليدان يتصور فيهما صورتان بالتقديم والتأخير ثم تأخذ الرأس فيحدث منه مع الوجه واليدين ستة وضوآت بأن تعمل الرأس قبل الوجه واليدين وبعدهما ثم تقلبهما وتعمله قبلهما وبعدهما ثم تعمل الرأس بين الوجه واليدين على التقديم والتأخير فيحدث ستة وضوآت بأن تضيف لكل صورة تحدث الرجلين حتى يكمل الوضوء وهو من ضرب الاثنين في مخرج الثالث واثنان في ثلاثة بستة ثم تأخذ الرجلين تضمهما إلى هذه الستة وضوآت وكل واحد منها ثلاثة أعضاء فتصير كل صورة منها أربعة بأن تعمل الرجلين قبل الثلاثة وبعد الأول وبعد الثاني وبعد الثالث فتصير الستة أربعة وعشرين .

وذلك هو جميع ما يتصور من الوضوء وصوره في الوجود فإذا تقررت هذه الطريقة من الحساب والضرب فنقول معنا في البيت ثلاثة من لفظ قبل وثلاثة من لفظ بعد فنجمع بين الستة ويبطل الوزن حينئذ لطول البيت ولعدم صورة الشعر فنقول قبل ما قبل قبل بعد ما بعد بعده رمضان ثم لنا أن ننوي بكل قبل وبكل بعد شهرا من شهور السنة أي شهر كان من غير مجاورة ولا التفات إلى ما بينهما من عدد الشهور ويكون الكلام مجازا عربيا فإن أي شهر أخذته فبينه وبين الشهر الآخر الذي نسبته إليه بالقبلية أو البعدية علاقة من جهة أنه من شهور السنة معه أو هو قبله من حيث الجملة أو بعده من حيث الجملة أو هو شبيه بما قبله من جهة أنه شهر وغير ذلك من العلاقات المصححة للمجاز ، ثم إنا نعمد إلى هذه الستة فنأخذ منها اثنين فتحدث منهما صورتان ونعتبرهما شهرين من شهور السنة فتظهر نسبتهما إلى رمضان ويظهر من ذلك الشهر المسئول عنه ثم نورد عليهما لفظة أخرى من لفظ قبل وبعد إلى آخر السنة ومتى أفضى الأمر إلى التداخل بين صورتين في شهر نوينا به شهرا آخر من شهور السنة حتى تحصل المغايرة فيحصل لنا من هذه الستة ألفاظ ما يحصل لنا من ستة أجزاء من البيت وهي سبعمائة وعشرون مسألة وإن زدت في لفظ القبل أو البعد كما تقدم في بسط الكلام على البيت وصل الكلام إلى أربعين ألف مسألة وأكثر على حسب الزيادة فتأمل ذلك فهو من طرف الفضائل والفضلاء ونوادر الأذكياء والنبهاء .

التالي السابق


حاشية ابن حسين المكي المالكي

( خاتمة ) في مهمين : المهم الأول أكثر الفقهاء يبحث عن ترتيب الوضوء وتنكيسه ولا يعلم كم يحصل من صور الوضوء مرتبا ومنكسا والمتحصل من ذلك أربعة وعشرون وضوءا مرتبا ومنكسا على سبيل الحصر من غير زيادة ، وتقريره بالطريق المتقدم في بيت العلامة زين الدين المغربي أن تقول : الوجه واليدان يتصور فيهما صورتان بالتقديم والتأخير ثم تأخذ الرأس فيحدث منه مع الوجه واليدين ستة وضوآت بأن تعمل الرأس قبل الوجه واليدين وبعدهما ثم تقلبهما وتعمله قبلهما وبعدهما ثم تعمل الرأس بين الوجه واليدين على التقديم والتأخير فيحدث ستة وضوآت بأن تضيف لكل صورة تحدث الرجلين حتى يكمل الوضوء وهو من ضرب الاثنين في مخرج الثالث واثنان في ثلاثة بستة ثم تأخذ الرجلين تضمهما إلى هذه الستة الوضوآت وكل واحد من الستة له ثلاث أعضاء يحصل بعمل الرجلين قبل الثلاثة الأعضاء وبعد الأول وبعد الثاني وبعد الثالث أربع صور .

[ ص: 70 ] في كل صورة من الستة فتصير الستة أربعة وعشرين وذلك هو جميع ما يتصور في الوجود للوضوء من الصور المهم الثاني سأل الشيخ عثمان الراضي المكي الشيخ إبراهيم الأسكوبي المدني بقوله :

يا إماما للعلم والتدريس وهماما قد جل عن تقييس ذا العلا إبراهيم الأسكوبي أولى
من يرجى لكشف خطب عميس البديع النفيس والماهر المبدع
في صنعة البديع النفيس طبت غرسا في روضة هي طابت
من حمى طيبة المنيع الأنيس أنت شمس تضيء في كل علم
بك تجلى غياهب التلبيس حزت كل العلوم كسبا ووهبا
وأجدت الفنون عن تأسيس لك فهم لا يعتريه سقام
وذكاء يدري بما في النفوس ما يقول الإمام في بيتي الحلي
الصفي المحكمين بالتجنيس وعدت في الخميس وصلا ولكن
شاهدت حولنا العدا كالخميس أخلفت في الخميس وعدي وجاءت
بعد ما قبل بعد يوم الخميس أي يوم جاءته من بعد خلف
فأبينوا المعقول بالمحسوس فلقد جلت فيهما سيدي مع
أحمد الشهم يا فقيه الرئيس واضطربنا في فهم معناهما حتى
ضربنا التخميس في التسديس ثم درنا في كل يوم من الدور
فتهنا عن يومها المرموس واختلفنا وما اتفقنا برأي
وأقمنا في ذاك حرب البسوس فارتضيناك آخر الأمر فينا
حكما إذ لا عطر بعد عروس ثم بعض الثقات في الفن يروي
وهو فيما أظن عن تهجيس قبل ما بعد قبل يوم الخميس
هكذا راح مثبتا في الطروس وهو عندي لا يطابق معنى
ما أراد الصفي بعد الخميس فتأمل في ذا وذا غير مأمور
وحقق وقيت هم العكوس وأبن لي هل ذا صحيح وإلا
باطل أو كلاهما بنفيس وابق وأسلم في يمن حظ وأمن
يا إماما للعلم والتدريس

.

[ ص: 71 ] فأجابه بقوله ) :

يا عليما بكل معنى نفيس وصديقي ومطلبي وأنيسي
أنت من في رفيع مجد وفضل ومقال له مقام الرئيس
لك من أسهم البيان المعلى في شذوذ فاوضت أو في مقيس
ولك السابق المجلى إذا ما رمت سبقا بحلبة التدريس
من كعثمان راضيا راقيا أو ج المعالي بطيب خيم وسوس
أو لم يكفك الجواهر حتى جئت بالزهر في قيود الطروس
أسفرت عن لثامها بنت فكر منك رامت بلطفها تأنيسي
وأدارت على المسامع منها خمر معنى أشهى من الحندريس
وأشارت إلى لطائف دارت بين خلين تزدري بالكؤوس
ما على - يا فقيه - أحمد زيد إن ذاك الجليس خير جليس
قد تسابقتما الفضائل حتى نلتما أقصى كل معنى نفيس
فكلا الفاضلين أحرز فضلا ليس يخفى عليه معنى الشموس
إن بيت الصفي لا شك مبنى لعمري بني على تأسيس
بيد أن أكثر الظروف لقصد رام منه غرابة التلبيس
أو يخفى عيد وعيد وعيد عم بيوم العروبة المأنوس
إن هذا المراد إن قال جاءت بعد ما قبل بعد يوم الخميس
صح من قال قبل ما بعد لكن نكس اليوم غاية التنكيس
أين يوم الربوع من يوم عيد من يرد السعيد للمنحوس
دمتما في لبوس صحة نعمى من أجل الملبوس غير لبيس

قلت وهذا الجواب لا يخالف الضابط المتقدم وإن كان ظاهر قوله أو يخفى عيد إلخ وقوله صح من قال قبل ما بعد إلخ أنه على عكس ما مر لأمرين : الأمر الأول أن الصفي لم يقل بعده يوم الخميس بل قال بعد يوم الخميس ولا شك في صدق الأول بيوم الربوع كما مر وصدق الثاني بيوم الجمعة كما قال الأسكوبي الأمر الثاني أن قوله بيد أن أكثر الظروف إلخ موافق للقاعدة المتقدمة من أن كل ما اجتمع فيه .

[ ص: 72 ] قبل وبعد فألغهما لأن كل شيء حاصل بعد ما هو قبله وقبل ما هو بعده فلا يبقى حينئذ إلا بعد يوم الخميس فيكون يوم الجمعة نعم الفاء بعد ما قبل في بيت الموصلي لكونه مبدلا منه والمبدل منه في نية الطرح أو لكون بعد يوم الخميس عطف بيان له لا لما مر في القاعدة فافهم والله أعلم .




الخدمات العلمية