الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وشرط آخذ الزكاة من هذه الأصناف الثمانية ) الحرية الكاملة إلا المكاتب فلا يعطى مبعض ، ولو في نوبته و ( الإسلام ) فلا يدفع منها لكافر إجماعا . نعم يجوز استئجار كافر وعبد كيال ، أو حامل ، أو حافظ ، أو نحوهم من سهم العامل ؛ لأنه أجرة لا زكاة بخلاف نحو ساع ، وإن كان ما يأخذه أجرة أيضا ؛ لأنه لا أمانة له ، ويؤخذ من ذلك جواز استئجار ذوي القربى ، والمرتزقة من سهم العامل لشيء مما ذكر بخلاف عمله فيه بلا إجارة ؛ لأن فيما يأخذه حينئذ شائبة زكاة ، وبهذا يخص عموم قوله : ( وأن لا يكون هاشميا ولا مطلبيا ) ، وإن منعوا حقهم من الخمس لخبر مسلم { : إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد } [ ص: 161 ] وبنو المطلب من الآل كما مر .

                                                                                                                              وكالزكاة كل واجب كالنذر والكفارة ومنها دماء النسك بخلاف التطوع ، وحرم عليه صلى الله عليه وسلم الكل ؛ لأن مقامه أشرف وحلت له الهدية ؛ لأنها شأن الملوك بخلاف الصدقة ( وكذا مولاهم في الأصح ) للخبر الصحيح { مولى القوم منهم } ويفرق بينهم وبين بني أخواتهم مع صحة حديث { ابن أخت القوم منهم } بأن أولئك لما لم يكن لهم آباء وقبائل ينسبون إليهم غالبا تمحضت نسبتهم لساداتهم فحرم عليهم ما حرم عليهم تحقيقا لشرف موالاتهم ، ولم يعطوا من الخمس ؛ لئلا يساووهم في جميع شرفهم ، فإن قلت : يمكن ذلك بإعطائهم من الخمس والزكاة قلت ممنوع ؛ لأن أخذ الزكاة قد يكون شرفا كما في حق الغازي فلا يتحقق حينئذ انحطاط شرفهم ، وأما بنو الأخت فلهم آباء وقبائل لا ينسبون إلا إليها فلم يلحقوا بغيرهم في شيء من ذلك ، وأن لا يكون ممونا للمزكي على ما مر فيه من التفصيل ، وأن لا يكون لهم سهم في الفيء كما مر بما فيه آنفا ، وأن لا يكون محجورا عليه ، ومن ثم أفتى المصنف في بالغ تارك للصلاة كسلا أنه لا يقبضها له إلا وليه أي : كصبي ومجنون فلا يعطى له ، وإن غاب وليه خلافا لمن زعمه بخلاف ما لو طرأ تركه أي : أو تبذيره ولم يحجر عليه فإنه يقبضها ، ويجوز دفعها لفاسق إلا إن علم أنه يستعين بها على معصية فيحرم أي : وإن أجزأ كما علم مما تقرر ولأعمى كأخذها منه ، وقيل : يوكلان وجوبا ، ويرده قولهم : يجوز دفعها مربوطة من غير علم بجنس ولا قدر ولا صفة نعم الأولى توكيلهما خروجا من الخلاف ، وأفتى العماد بن يونس بمنع دفعها لأب قوي صحيح فقير وأخوه بجوازه قال شارح : وهو الظاهر إذ لا وجه للمنع . ا هـ ، وإنما يظهر إن قلنا : يلزمه الكسب ، وهو ضعيف ، والأصح وجوب نفقته ، وإن قدر عليه فالوجه الأول

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 161 ] قوله : وكالزكاة كل ، واجب ) يدخل فيه ما أفتى به شيخنا الشهاب م ر من أنه يحرم عليهم الأضحية الواجبة ، والجزء الواجب من أضحية التطوع . ا هـ . ( قوله : وأن لا يكون ممونا إلخ ) عطف على قول المتن : وأن لا يكون هاشميا إلخ ، وقوله : ولا عمى عطف على الفاسق



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : الحرية ) إلى قوله وبنو المطلب في المغني إلا قوله وحامل ، وقوله والمرتزقة وإلى قول المتن وكذا في النهاية إلا ما ذكر ( قوله : ونحوهم ) كالوزان والجمال ( قوله : نحو ساع ) ، وهو الذي يرسل إلى البلاد ( قوله : لأنه لا أمانة إلخ ) لا يقال مقتضى هذا التعليل امتناع ما سبق آنفا ؛ لأنا نقول : ذاك مشمول بنظر العامل وإشرافه وتعهده بخلاف العامل فإنه مستقل . ا هـ . سيد عمر ( قوله : لأنه لا أمانة إلخ ) هذا لا يظهر بالنسبة للعبد ( قوله : من ذلك ) أي : قوله يجوز استئجار كافر وعبد إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : لشيء مما ذكر ) شامل لما لو استؤجر لعمل عام كنحو سعاية . ا هـ . سيد عمر ( قوله : وبهذا ) أي : يجوز استئجار ذوي القربى المار آنفا ( قوله : وإن منعوا حقهم إلخ ) قال ابن مطير في شرحه على المنهاج أي : سواء أعطوا حقهم من خمس الخمس أم لا ، أما الأول فقطعا ، وأما الثاني فهو الذي عليه الأكثرون وجوز الإصطخري إعطاءهم واختاره الهروي ومحمد بن يحيى وأفتى به شرف الدين البارزي ولا بأس به ، بل في حديث للطبراني ما يشهد له أي : بقوله { أليس في خمس الخمس ما يكفيكم } أي يغنيكم أي : أنتم مستغنون بخمس الخمس فإذا عدم خمس الخمس زال الغنى ، فخمس الخمس علة لاستغنائهم وشرط لمنعهم ، فإذا زال الشرط انتفى المانع ويشبه أن يكون هذا هو المختار في هذا الزمن لمن كان منهم في اليمن لبعدهم عن محل الغنائم وقلة شفقة الملوك وأهل الثروة وشدة حاجتهم التي شاهدنا ولله أحكام تحدث بحدوث ما لم يكن في الصدر الأول والله أعلم . ا هـ . عبارة شيخنا قوله : سواء منعوا إلخ ونقل عن الإصطخري القول بجواز صرف - [ ص: 161 ] الزكاة إليهم عند منعهم من خمس الخمس أخذا من قوله - في الحديث - { إن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم ، أو يغنيكم } فإنه يؤخذ منه أن محل عدم إعطائهم من الزكاة عند أخذهم حقهم من خمس الخمس ، لكن الجمهور طردوا القول بالتحريم ، ولا بأس بتقليد الإصطخري في قوله : الآن لاحتياجهم وكان شيخنا رحمه الله تعالى يميل إلى ذلك محبة فيهم نفعنا الله بهم . ا هـ . ( قوله : وبنو المطلب من الآل ) تكملة للدليل ( قوله : كما مر ) أي : في قسم الفيء .

                                                                                                                              ( قوله : كل واجب كالنذر إلخ ) عبارة المغني وكذا يحرم عليهما الأخذ من المال المنذور صدقته كما اعتمدهشيخي . ا هـ . قال السيد السمهودي في حاشية الروضة وفي فتاوى البغوي : لو نذر التصدق بدينار مطلقا ، أو على الفقراء هل يجوز صرفه للعلوية ؟ قال : فإن قلنا يحمل على أقل إيجاب الله تعالى لا يجوز ، كالزكاة والكفارة ، وإن قلنا يحمل على أقل ما يتقرب به إلى الله تعالى يجوز ، وهذه القاعدة مضطربة الفروع وأشار المصنف إلى أن الراجح فيها تختلف باختلاف المدرك فقد صححوا فيمن نذر إعتاق عبد أجزأ المعيب والكافر ، وهو منصوص الأم ورجحوا جواز أكل الناذر من الشاة المعينة لنذر الأضحية ، والراجح عندي إلحاق ما نحن فيه به ؛ لأن المعنى في تحريم الزكاة عليهم وما ألحق بها من الكفارات كون وضعها التطهير بخلاف النذر فإن ذلك ليس وضعه وإلا لامتنع على العلوي أخذ ما نذر به صاحبه لعلوي ولا قائل به انتهى ، ولعله الأقرب - إن شاء الله تعالى - ويمكن أن يزاد بعد قوله فإن ذلك ليس وضعه ، بل وضعه التقرب المشعر برفعة المصروف إليهم المناسبة لعلو رتبتهم . ا هـ . سيد عمر ( قوله : كل واجب إلخ ) يدخل فيه ما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي من أنه يحرم عليهم الأضحية الواجبة والجزاء الواجب من أضحية التطوع سم ونهاية ( قوله : كالنذر ) اقتصر عليه المغني ( قوله : ومنها ) أي : الكفارة ( قوله : بخلاف المتطوع ) أي فيحل لهم ( قوله : الكل ) أي الواجب والمتطوع للخبر الصحيح إلى قوله وأفتى في النهاية إلى قوله فإن قلت إلى أفتى المصنف .

                                                                                                                              ( قوله : يمكن ذلك ) أي : عدم المساواة ( قوله : لأن أخذ الزكاة قد يكون شرفا إلخ ) قد يقال : ينافيه إطلاقه قوله : صلى الله عليه وسلم إنما هي أوساخ الناس وإعطاء الغازي لترغيبه في الجهاد لا لشرفه . ا هـ . سيد عمر ( قوله : وأن لا يكون ممونا ) إلى قوله وإنما يظهر في المغني إلى قوله وأن لا يكون لهم سهم إلى أفتى المصنف وقوله : نعم إلى وأفتى ( قوله : وأن لا يكون ممونا إلخ ) عطف على قول المتن : وأن لا يكون هاشميا ( قوله : على ما مر ) أي : في الفقير ( قوله : وأن لا يكون محجورا عليه ) فيه أن الكلام في استحقاق الزكاة لا في قبضها ( قوله : تاركا إلخ ) حال من المستتر في " بالغ " . ا هـ . سيد عمر ( قوله : إن علم ) أي : ظن .

                                                                                                                              ( قوله : مما تقرر ) أي : في بيان شروط الآخذ . ا هـ . كردي ( قوله : ولا عمى ) عطف على لفاسق ( قوله : يوكلان ) أي : الأعمى الآخذ والأعمى الدافع ( قوله : وأفتى إلخ ) عبارة المغني ولو كان لشخص أب قوي صحيح فقير لا تجب عليه نفقته هل يجوز أن يدفع إليه من زكاته من سهم الفقراء أو لا ؟ أفتى ابن يونس عماد الدين بالثاني وأخوه كمال الدين بالأول ، قال ابن شهبة : وهو الظاهر إذ لا وجه للمنع . ا هـ . ( قوله : وهو الظاهر ) أي : الجواز وكذا الضمير في قوله الآتي وإنما يظهر ( قوله : يلزمه الكسب ) أي : ولا يجب نفقته على الابن ( قوله : وهو إلخ ) أي القول بلزوم الكسب ضعيف ( قوله : والأصح وجوب نفقته إلخ ) أي : على الابن الغني وصور المغني المسألة كما مر آنفا بما إذا كان الابن فقيرا لا يلزمه نفقة الأب وعلى هذا فلا خلاف بين الإفتاءين




                                                                                                                              الخدمات العلمية