الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون

                                                                                                                                                                                                طائف من الشيطان : لمة منه مصدر ; من قولهم : طاف به الخيال يطيف طيفا ; قال [من الكامل] :


                                                                                                                                                                                                أنى ألم بك الخيال يطيف



                                                                                                                                                                                                أو هو تخفيف طيف فيعل ، من طاف يطيف كلين ، أو من طاف يطوف كهين ، وقرئ : "طائف" ، وهو يحتمل الأمرين - أيضا - وهذا تأكيد ، وتقرير لما تقدم من وجوب الاستعاذة بالله عند نزغ الشيطان ، وأن المتقين هذه عادتهم : إذا أصابهم أدنى نزغ من الشيطان ، وإلمام بوسوسته : "تذكروا" ، ما أمر الله به ، ونهى عنه ، فأبصروا السداد ، ودفعوا ما وسوس به [ ص: 547 ] إليهم ، ولم يتبعوه أنفسهم ، وأما إخوان الشياطين الذين ليسوا بمتقين ، فإن الشياطين يمدونهم في الغي ، أي : يكونون مددا لهم فيه ويعضدونهم ، وقرئ : "يمدونهم" من الإمداد ، "ويمادونهم" بمعنى : يعاونونهمثم لا يقصرون : ثم لا يمسكون عن إغوائهم حتى يصروا ولا يرجعوا ، قوله : وإخوانهم يمدونهم ; كقوله [من البسيط] :


                                                                                                                                                                                                قوم إذا الخيل جالوا في كواثبها



                                                                                                                                                                                                في أن الخبر جار على ما هو له ، ويجوز أن يراد بالإخوان : الشياطين ، ويرجع الضمير المتعلق به إلى الجاهلين ، فيكون الخبر جاريا على ما هو له ; والأول أوجه ; لأن إخوانهم في مقابلة الذين اتقوا .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : لم جمع الضمير في إخوانهم والشيطان مفرد؟

                                                                                                                                                                                                قلت : المراد به الجنس ; كقوله : أولياؤهم الطاغوت [البقرة : 257] .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية