الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا [131]

                                                                                                                                                                                                                                      ولله ما في السماوات وما في الأرض جملة مستأنفة منبهة على كمال سعته وعظم قدرته أي: كيف لا يكون واسعا وله ما فيهما من الخلائق والأرزاق وغيرهما؟ فله أن يعطي ما شاء منهما لمن شاء من عبيده، وعلى هذا فهي متعلقة بما قبلها، أو أتى بها تمهيدا لما بعدها من العمل بوصيته؛ إعلاما بأنه مالك ما في السماوات والأرض والحاكم فيهما، ولهذا قال: ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم أي: من الأمم السابقة - والكتاب اسم جنس يتناول الكتب السماوية - وإياكم معطوف على (الذين).

                                                                                                                                                                                                                                      أن اتقوا الله أي: وصينا كلا منكم ومنهم بالتقوى، وهي عبادته وحده، لا شريك له، والمعنى: أن وصيته قديمة ما زال يوصي الله بها عباده، ولستم بها مخصوصين؛ لأنهم بالتقوى يسعدون عنده.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تكفروا أي: بالله فإن لله ما في السماوات وما في الأرض أي: فهو مالك الملك كله، لا يضره كفركم؛ لغناه المطلق، فما الوصية إلا لفلاحكم؛ رحمة بكم، كما في الآية الأخرى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد [إبراهيم: 8] وقال تعالى: [ ص: 1601 ] فكفروا وتولوا واستغنى الله [التغابن: 6].

                                                                                                                                                                                                                                      وكان الله غنيا عن عباده حميدا أي: محمودا في ذاته، حمدوه أو لم يحمدوه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية