الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          [ ص: 1138 ] قوله تعالى: إنا أنزلنا التوراة آية 44

                                          [6399] حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن رجاء ، ثنا عمران أبو العوام القطان ، عن قتادة، عن أبي المليح ، عن واثلة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنزلت التوراة لست بقين من رمضان.

                                          قوله تعالى: فيها هدى ونور

                                          [6400] قرأت على محمد، ثنا محمد بن بكير بن معروف ، عن مقاتل ، فيها هدى ونور يعني: هدى من الضلالة، ونور يعني: نورا من العمى.

                                          قوله تعالى: يحكم بها النبيون

                                          [6401] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن الزهري ، قال: ثنا رجل، من مزينة، ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، قال: زنا رجل من اليهود بامرأة، فقال بعضهم: يا أبا القاسم ، ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأنا أحكم بما في التوراة. فأمر بهما فرجما.

                                          قال الزهري : وبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا فكان النبي صلى الله عليه وسلم منهم.


                                          [6402] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: يحكم بها النبيون يحكموا بما في التوراة من لدن موسى إلى لدن عيسى .

                                          قوله تعالى: الذين أسلموا

                                          [6403] أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، فيما كتب إلي، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: يحكم بها النبيون الذين أسلموا قال: الذين أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم.

                                          قوله تعالى: للذين هادوا

                                          [6404] أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، فيما كتب إلي، ثنا أحمد بن [ ص: 1139 ] مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، للذين هادوا هما ابنا إصريا اتبعا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلما، وكانا أعطياه عهدا أن لا يسألهما عن شيء من التوراة إلا أخبرا به.

                                          قوله تعالى: والربانيون

                                          من فسره على أنهم العلماء الفقهاء.

                                          [6405] حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب بن الحارث ، ثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله: والربانيون قال: الفقهاء العلماء.

                                          [6406] حدثنا أبي ، ثنا ابن أبي عمران بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قال: الربانيون العلماء الفقهاء، وهم فوق الأجناد.

                                          الوجه الثاني:

                                          من فسره على أنهم العباد:

                                          [6407] حدثنا الحسن بن أحمد ، ثنا موسى بن محلم ، ثنا أبو بكر الحنفي ، ثنا عباد بن منصور ، قال: سألت الحسن في قوله: الربانيون قال: أهل عبادة الله وأهل تقوى الله.

                                          [6408] حدثنا أبي ، ثنا محمد بن وهب بن عطية ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا خليد، عن قتادة، في الربانيين قال: الربانيون: العباد. وروي عن فضيل بن عياض، مثل ذلك.

                                          الوجه الثالث:

                                          من فسره على أنهم المؤمنون:

                                          [6409] أخبرنا محمد بن سعد العوفي ، فيما كتب إلي، حدثني أبي، حدثني عمي، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: الربانيون هم المؤمنون.

                                          الوجه الرابع:

                                          من فسر الربانيين على أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنهم. [ ص: 1140 ]

                                          [6410] حدثنا أبي ، ثنا أبو حصين بن يحيى بن سليمان ، عن يونس بن بكير ، عن أبي عبد الله الكوفي، قال: سمعت جابر الجعفي ، عن أبي جعفر يعني: محمد بن علي ، وذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال: رحمهم الله جميعا فهم الربانيون والأخيار، كما أن نبيهم صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين.

                                          [6411] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا عبدة بن سليمان ، عن سعيد ، عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي كلثوم، قال: سمعت ابن الحنفية، يقول يوم مات ابن عباس : اليوم مات رباني هذه الأمة.

                                          الوجه الخامس:

                                          من فسره على أنهما ابنا أصريا

                                          [6412] حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، فيما كتب إلي، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قال: كان رجلان أخوان من يهود يقال لهما ابنا أصريا، وقد اتبعا النبي صلى الله عليه وسلم يتعلمان منه، فدعاهما فسألهما، فأخبراه الأمر كيف كان حين زنا الشريف وزنا المسكين، وكان أحدهما ربانيا والآخر حبرا.

                                          قوله تعالى: الأحبار

                                          [6413] أخبرنا محمد بن العوفي ، فيما كتب إلي، ثنا أبي، حدثني عمي، حدثني أبي، عن ابن إسحاق ، عن ابن عباس ، في قوله: الأحبار قال: هم القراء.

                                          الوجه الثاني:

                                          [6414] حدثنا أبي ، عن محمد بن وهب بن عطية ، عن الوليد بن مسلم ، ثنا خليد بن دعلج، عن قتادة، قال: الأحبار العلماء. وروي عن فضيل بن عياض، مثل ذلك.

                                          قوله تعالى: بما استحفظوا

                                          [6415] قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: بما استحفظوا من كتاب الله.

                                          [6416] وبه عن مقاتل ، قوله: من كتاب الله يعني: الرجم والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم.

                                          [ ص: 1141 ] قوله تعالى: وكانوا عليه شهداء

                                          [6417] أخبرنا محمد بن سعد ، فيما كتب إلي، حدثني أبي، حدثني عمي، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: وكانوا عليه شهداء هم الشهداء لمحمد صلى الله عليه وسلم بما قاله إنه حق جاء من عند الله، فهو نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم أتته اليهود فقضى بينهم بالحق.

                                          قوله تعالى: فلا تخشوا الناس واخشون

                                          [6418] أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، فيما كتب إلي، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: فلا تخشوا الناس واخشون يقول: لا تخشوا الناس فتكتموا ما أنزلت.

                                          [6419] قرأت على محمد، ثنا محمد، ثنا محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل ، قوله: فلا تخشوا الناس في أمر محمد صلى الله عليه وسلم والرجم، يقول: أظهروا أمر محمد صلى الله عليه وسلم والرجم.

                                          قوله تعالى: واخشون

                                          [6420] وبه عن مقاتل ، قوله: واخشون في كتمان محمد صلى الله عليه وسلم والرجم.

                                          قوله تعالى: ولا تشتروا بآياتي

                                          [6421] حدثنا عصام بن رواد العسقلاني ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس : ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا قال: لا تأخذوا على تعليم القرآن أجرا.

                                          [6422] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي ، فيما كتب إلي، ثنا أصبغ بن الفرج ، قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قوله: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا قال: لا تأكلوا علينا السحت كما صنعت اليهود.

                                          قوله تعالى بآياتي

                                          [6423] ذكر عن الحسن بن علي الحلواني ، ثنا سعيد بن أبي مريم، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، في قوله: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإن آيات كتابه الذي أنزل إليهم، وإن الثمن القليل هو الدنيا وشهواتها.

                                          [ ص: 1142 ] قوله تعالى: ثمنا قليلا

                                          [6424] حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: ثمنا قليلا يقول لا تأخذوا طمعا قليلا وتكتموا اسم الله فذلك الطمع هو الثمن.

                                          قوله تعالى: قليلا

                                          [6425] حدثنا علي بن الحسين ، ثنا محمد بن حمزة المروزي، ثنا علي بن الحسين ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن هارون بن يزيد، قال: سئل الحسن عن قوله: ثمنا قليلا قال: الثمن القليل الدنيا بحذافيرها.

                                          قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله

                                          [6426] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله يقول: من جحد الحكم بما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق. يقول: من جحد من حدود الله شيئا فقد كفر.

                                          [6427] أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، فيما كتب إلي، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله قال: من لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا وجادا وهو يعلم فهو من الكافرين.

                                          [6428] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي ، فيما كتب إلي، ثنا أصبغ بن الفرج ، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، يقول في قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون قال: من حكم بكتابه الذي كتبه بيده وترك كتاب الله، وزعم أن كتابه هذا من عند الله فقد كفر.

                                          قوله تعالى: فأولئك هم الكافرون

                                          اليهود. وروي عن عبد الله بن عباس وعبيد الله بن عبد الله والحسن وأبي رجاء وأبي مجلز مثل ذلك، غير أن الحسن زاد فيه: وهي علينا واجبة.

                                          [6429] قرأت على محمد، ثنا محمد، ثنا محمد، عن بكير، عن مقاتل ، قوله: فأولئك هم الكافرون فقال: أهل قريظة منهم أبو لبابة بن سعفة بن عمرو ، من أهل النضير منهم كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف. [ ص: 1143 ]

                                          الوجه الثاني:

                                          [6430] حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع، عن سفيان ، وحدثنا الحسن بن أبي الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي البحتري، قال: قيل لحذيفة: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون قال: نزلت في بني إسرائيل، فقال حذيفة: نعم الأخوة لكم بنو إسرائيل إن كان لكم كل حلوة ولهم كل مرة، كلا والله، لتسلكن طريقهم قدر الشراك والسياق لعبد الرزاق.

                                          [6431] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا الثوري ، عن رجل، عن عكرمة ، قال: نزلت هذه الآيات في أهل الكتاب.

                                          [6432] حدثنا علي بن الحسن ، ثنا مسدد ، ثنا يحيى، عن أشعث ، عن الحسن ، قال: نزلت في أهل الكتاب.

                                          الوجه الثالث:

                                          [6433] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا الثوري ، عن زكريا ، عن الشعبي ، يعني قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون قال: للمسلمين.

                                          [6434] حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان ، عن هشام بن جحير، عن طاووس ، عن ابن عباس ، في قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون قال: ليس هو بالكفر الذي يذهبون إليه.

                                          [6435] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه، قال: سئل ابن عباس في قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون قال: هي كبيرة قال ابن طاوس : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. وروي عن عطاء أنه قال: كفر دون كفر.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية