قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا الأصل عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه يا الله ، والميمان
[ ص: 283 ] بدل من " يا " . ربنا نداء ثان لا يجيز
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه غيره ولا يجوز أن يكون نعتا ; لأنه قد أشبه الأصوات من أجل ما لحقه .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114أنزل علينا مائدة المائدة الخوان الذي عليه الطعام ; قال
قطرب : لا تكون المائدة مائدة حتى يكون عليها طعام ، فإن لم يكن قيل : خوان وهي فاعلة من ماد عبده إذا أطعمه وأعطاه ; فالمائدة تميد ما عليها أي : تعطي ، ومنه قول
رؤبة - أنشده
الأخفش :
تهدي رءوس المترفين الأنداد إلى أمير المؤمنين الممتاد
أي المستعطى المسئول ; فالمائدة هي المطعمة والمعطية الآكلين الطعام ، ويسمى الطعام أيضا مائدة تجوزا ; لأنه يؤكل على المائدة ; كقولهم للمطر سماء ، وقال
أهل الكوفة : سميت مائدة لحركتها بما عليها ; من قولهم : ماد الشيء إذا مال وتحرك قال الشاعر :
لعلك باك إن تغنت حمامة يميد بها غصن من الأيك مائل
وقال آخر :
وأقلقني قتل الكناني بعده فكادت بي الأرض الفضاء تميد
ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=15وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ، وقال
أبو عبيدة : مائدة فاعلة بمعنى مفعولة ، مثله
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21عيشة راضية بمعنى مرضية و
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=6ماء دافق الطارق : أي : مدفوق . قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114تكون لنا عيدا ( تكون ) نعت لمائدة وليس بجواب .
وقرأ
الأعمش " تكن " على الجواب ; والمعنى : يكون يوم نزولها
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114عيدا لأولنا أي : لأول أمتنا وآخرها ; فقيل : إن المائدة نزلت عليهم يوم الأحد غدوة وعشية ; فلذلك جعلوا الأحد عيدا ، والعيد واحد الأعياد ; وإنما جمع بالياء وأصله الواو للزومها في الواحد ; ويقال : للفرق بينه وبين أعواد الخشب وقد عيدوا أي : شهدوا العيد ; قاله
الجوهري ، وقيل : أصله من عاد يعود أي : رجع فهو عود بالواو ، فقلبت ياء لانكسار ما قبلها مثل الميزان والميقات والميعاد فقيل ليوم الفطر والأضحى : عيدا لأنهما يعودان كل سنة . وقال
الخليل : العيد كل يوم يجمع كأنهم عادوا إليه ، وقال
ابن الأنباري : سمي عيدا للعود في المرح والفرح ; فهو يوم
[ ص: 284 ] سرور الخلق كلهم ; ألا ترى أن المسجونين في ذلك اليوم لا يطالبون ولا يعاقبون ; ولا يصاد الوحش ولا الطيور ; ولا تنفذ الصبيان إلى المكاتب ، وقيل : سمي عيدا لأن كل إنسان يعود إلى قدر منزلته ; ألا ترى إلى اختلاف ملابسهم وهيئاتهم ومآكلهم فمنهم من يضيف ومنهم من يضاف ، ومنهم من يرحم ومنهم من يرحم ، وقيل : سمي بذلك لأنه يوم شريف تشبيها بالعيد : وهو فحل كريم مشهور عند العرب وينسبون إليه ، فيقال : إبل عيدية ; قال (
رذاذ الكلبي ) :
ظلت تجوب بها البلدان ناجية عيدية أرهنت فيها الدنانير
وقد تقدم ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت " لأولانا وأخرانا " على الجمع . قال
ابن عباس : يأكل منها آخر الناس كما يأكل منها أولهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114وآية منك يعني دلالة وحجة وارزقنا أي : أعطنا .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114وأنت خير الرازقين أي : خير من أعطى ورزق ; لأنك الغني الحميد .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا الْأَصْلُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ يَا اللَّهُ ، وَالْمِيمَانِ
[ ص: 283 ] بَدَلٌ مِنْ " يَا " . رَبَّنَا نِدَاءٌ ثَانٍ لَا يُجِيزُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ غَيْرَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا ; لِأَنَّهُ قَدْ أَشْبَهَ الْأَصْوَاتَ مِنْ أَجْلِ مَا لَحِقَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً الْمَائِدَةُ الْخِوَانُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ ; قَالَ
قُطْرُبٌ : لَا تَكُونُ الْمَائِدَةُ مَائِدَةً حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهَا طَعَامٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِيلَ : خِوَانٌ وَهِيَ فَاعِلَةٌ مِنْ مَادَ عَبْدُهُ إِذَا أَطْعَمَهُ وَأَعْطَاهُ ; فَالْمَائِدَةُ تَمِيدُ مَا عَلَيْهَا أَيْ : تُعْطِي ، وَمِنْهُ قَوْلُ
رُؤْبَةَ - أَنْشَدَهُ
الْأَخْفَشُ :
تُهْدِي رُءُوسَ الْمُتْرَفِينَ الْأَنْدَادَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُمْتَادِ
أَيِ الْمُسْتَعْطَى الْمَسْئُولِ ; فَالْمَائِدَةُ هِيَ الْمُطْعِمَةُ وَالْمُعْطِيَةُ الْآكِلِينَ الطَّعَامَ ، وَيُسَمَّى الطَّعَامُ أَيْضًا مَائِدَةً تَجَوُّزًا ; لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ عَلَى الْمَائِدَةِ ; كَقَوْلِهِمْ لِلْمَطَرِ سَمَاءٌ ، وَقَالَ
أَهْلُ الْكُوفَةِ : سُمِّيَتْ مَائِدَةٌ لِحَرَكَتِهَا بِمَا عَلَيْهَا ; مِنْ قَوْلِهِمْ : مَادَ الشَّيْءُ إِذَا مَالَ وَتَحَرَّكَ قَالَ الشَّاعِرُ :
لَعَلَّكَ بَاكٍ إِنْ تَغَنَّتْ حَمَامَةٌ يَمِيدُ بِهَا غُصْنٌ مِنَ الْأَيْكِ مَائِلٌ
وَقَالَ آخَرُ :
وَأَقْلَقَنِي قَتْلُ الْكِنَانِيِّ بَعْدَهُ فَكَادَتْ بِيَ الْأَرْضُ الْفَضَاءُ تَمِيدُ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=15وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ، وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : مَائِدَةٌ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ ، مِثْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=21عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ بِمَعْنَى مَرْضِيَّةٍ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=6مَاءٍ دَافِقٍ الطَّارِقُ : أَيْ : مَدْفُوقٌ . قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114تَكُونُ لَنَا عِيدًا ( تَكُونُ ) نَعْتٌ لِمَائِدَةٍ وَلَيْسَ بِجَوَابٍ .
وَقَرَأَ
الْأَعْمَشُ " تَكُنْ " عَلَى الْجَوَابِ ; وَالْمَعْنَى : يَكُونُ يَوْمَ نُزُولِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114عِيدًا لِأَوَّلِنَا أَيْ : لِأَوَّلِ أُمَّتِنَا وَآخِرِهَا ; فَقِيلَ : إِنَّ الْمَائِدَةَ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْأَحَدِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً ; فَلِذَلِكَ جَعَلُوا الْأَحَدَ عِيدًا ، وَالْعِيدُ وَاحِدُ الْأَعْيَادِ ; وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْيَاءِ وَأَصْلُهُ الْوَاوُ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ ; وَيُقَالُ : لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ وَقَدْ عَيَّدُوا أَيْ : شَهِدُوا الْعِيدَ ; قَالَهُ
الْجَوْهَرِيُّ ، وَقِيلَ : أَصْلُهُ مِنْ عَادَ يَعُودُ أَيْ : رَجَعَ فَهُوَ عِوْدٌ بِالْوَاوِ ، فَقُلِبَتْ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا مِثْلَ الْمِيزَانِ وَالْمِيقَاتِ وَالْمِيعَادِ فَقِيلَ لِيَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى : عِيدًا لِأَنَّهُمَا يَعُودَانِ كُلَّ سَنَةٍ . وَقَالَ
الْخَلِيلُ : الْعِيدُ كُلُّ يَوْمٍ يُجْمَعُ كَأَنَّهُمْ عَادُوا إِلَيْهِ ، وَقَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : سُمِّيَ عِيدًا لِلْعَوْدِ فِي الْمَرَحِ وَالْفَرَحِ ; فَهُوَ يَوْمُ
[ ص: 284 ] سُرُورِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ ; أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْجُونِينَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يُطَالَبُونَ وَلَا يُعَاقَبُونَ ; وَلَا يُصَادُ الْوَحْشُ وَلَا الطُّيُورُ ; وَلَا تُنْفَذُ الصِّبْيَانُ إِلَى الْمَكَاتِبِ ، وَقِيلَ : سُمِّيَ عِيدًا لِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَعُودُ إِلَى قَدْرِ مَنْزِلَتِهِ ; أَلَا تَرَى إِلَى اخْتِلَافِ مَلَابِسِهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ وَمَآكِلِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُضَافُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْحَمُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُرْحَمُ ، وَقِيلَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَوْمٌ شَرِيفٌ تَشْبِيهًا بِالْعِيدِ : وَهُوَ فَحْلٌ كَرِيمٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَيُنْسَبُونَ إِلَيْهِ ، فَيُقَالُ : إِبِلٌ عِيدِيَّةٌ ; قَالَ (
رَذَاذُ الْكَلْبِيُّ ) :
ظَلَّتْ تَجُوبُ بِهَا الْبُلْدَانَ نَاجِيَةٌ عِيدِيَّةٌ أُرْهِنَتْ فِيهَا الدَّنَانِيرُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ " لِأُولَانَا وَأُخْرَانَا " عَلَى الْجَمْعِ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يَأْكُلُ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ كَمَا يَأْكُلُ مِنْهَا أَوَّلُهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114وَآيَةً مِنْكَ يَعْنِي دَلَالَةً وَحُجَّةً وَارْزُقْنَا أَيْ : أَعْطِنَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ أَيْ : خَيْرُ مَنْ أَعْطَى وَرَزَقَ ; لِأَنَّكَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ .