الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وكذا كل جرح يقتص منه .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، والجراح ما كان في الجسد ، والشجاج ما كان في [ ص: 155 ] الرأس ، وقد مضى حكم الشجاج في الرأس وأنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام : قسم يجب فيه القصاص ، وأرش مقدر وهو الموضحة .

                                                                                                                                            وقسم لا قصاص فيه ويجب فيه مقدر وهو ما فوق الموضحة ، وهذا حكم شجاج الرأس وكذلك إذا كان في الوجه واللحيين يكون في حكم شجاج الرأس وإن كان جرحا ، ويصير الوجه والرأس في حكم الشجاج ، والجراح ، سواء يجب القصاص في موضحة الوجه ، والمقدر من الأرش فيجب في موضحة الوجه خمس من الإبل ، وفي هاشمته عشر من الإبل ، وفي منقلته خمس عشرة من الإبل .

                                                                                                                                            فأما جراح البدن فتنقسم ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            قسم يجب فيه مقدر ولا يجب فيه القصاص وهو الجائفة الواصلة إلى الجوف ، لا قصاص فيها ، وفيها ثلث الدية .

                                                                                                                                            وقسم لا قصاص فيه ولا مقدر وهو ما عدا الموضحة والجائفة من الباضعة والمتلاحمة : لأن ما لا يجب فيه من الرأس والوجه قصاص ولا مقدر فأولى أن لا يجب فيه من البدن قصاص ولا مقدر ، لشرف الرأس والوجه على جميع البدن ، وأن الشين فيهما أقبح من الشين في سائر البدن .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ما يجب فيه القصاص ولا يجب فيه المقدر وهو الموضحة إذا كانت في ذراع أو عضد أو ساق أو فخذ يجب فيها القصاص لإمكانه كالرأس ، وتجب حكومة ولا تجب فيها مقدر بخلاف الرأس لما ذكرناه من شرف الرأس وقبح شينه ، هذا مذهب الشافعي ومنصوصه .

                                                                                                                                            وقال كثير من أصحابه : لا قصاص في موضحة البدن ، لأنها لما خالفت موضحة الرأس في الأرش المقدر خالفتها في القود ، وهذا فاسد مذهبا وحجاجا .

                                                                                                                                            أما المذهب ، فقول الشافعي في كتاب " الأم " : إن الموضحة إذا كانت على الساق لم تصعد إلى الفخذ ولم تنزل إلى القدم ، وإن كانت على الذراع لم تصعد إلى العضد ولم تنزل إلى الكتف .

                                                                                                                                            وأما الحجاج فهو : أنه لما كان في البدن جرح مقدر وهو الجائفة وجب أن يكون فيها ما يوجب القصاص وهو الموضحة كالرأس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية