الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( القسم الخامس من صفات الله تعالى ) الصفات الجامعة لجميع ما تقدم من الأقسام الأربعة وهي عزة الله وجلاله وعلاه وعظمته وكبرياؤه ونحو ذلك من هذا المعنى فإنك تقول جل بكذا أو جل عن كذا فتندرج في الأولى الصفات الثبوتية كلها قديمة أو حادثة فكما جل الله تعالى بعلمه وصفاته السبعة التي هي صفات ذاته تعالى جل أيضا ببدائع مصنوعاته [ ص: 53 ] وغرائب مخترعاته ويندرج في الثاني جميع السلوب للنقائص فيصدق أن الله تعالى جل عن الشريك وعن الحيز والجهة وغير ذلك مما يستحيل عليه سبحانه وتعالى ولما كان لفظ الجلال والعظمة يحتمل جل بكذا وجل عن كذا وعظم بكذا وعظم عن كذا اندرج الجميع في اللفظ عند الإطلاق فكانت هذه الصفات شاملة لجميع الصفات الثبوتية والسلبية والقديمة والمحدثة فيكون الحلف بها يوجب الكفارة لاشتمالها على الموجب للكفارة وهو الصفات القديمة وغير الموجب وهو الصفات المحدثة وإذا اجتمع الموجب وغير الموجب كان اللازم الإيجاب عملا بالموجب والقسم الآخر كما أنه لا يقتضي كفارة لا يمنع الموجب للكفارة من إيجابه للكفارة وهاهنا ثلاث مسائل ( المسألة الأولى ) إذا قال القائل سبحان من تواضع كل شيء لعظمته هل يجوز هذا الإطلاق أم لا فقال بعض فقهاء العصر لا يجوز هذا الإطلاق لأن عظمة الله تعالى صفته والتواضع للصفة عبادة لها وعبادة الصفة كفر بل لا يعبد إلا الله تعالى ولو عبد عابد علم الله تعالى أو إرادته وغير ذلك من صفاته كفر بل المعبود واحد وهو ذات الله تعالى وهو الذات الموصوفة بصفات الجلال ونعوت الكمال والمراد بالعبارتين واحد .

وقال قوم يجوز هذا الإطلاق وهو الصحيح [ ص: 54 ] وعظمة الله تعالى هي المجموع من الذات والصفات وهذا المجموع هو المعبود وهو الإله وهو الذي يجب توحيده وتوحده ولا ثاني له وهو الذي يجب التواضع له كما تقول عظمة الملك جيشه وأمواله وأقاليمه التي استولى عليها وسطوته وغير ذلك مما وقعت به العظمة في دولته كذلك عظمة الله تعالى هي هذه الأمور كلها مع ذاته تعالى فهي أيضا من موجبات عظمته فإن أراد هذا المطلق هذا المعنى أو لم تكن له نية فلا شيء عليه وإن أراد صفة واحدة من صفات الله تعالى وأنها حصل التواضع لها وهو العبادة امتنع وربما كان كفرا وهو الظاهر وإن أراد بالتواضع غير العبادة وهو القهر والانقياد لإرادة الله تعالى وقضائه وقدره وقدرته فهذا أيضا معنى صحيح فإن جميع العالم مقهور بقدرة الله تعالى وقدره فالتواضع بهذا التفسير أيضا سائغ لا محذور فيه بل يجب اعتقاده [ ص: 55 ] فهذا تلخيص الحق في هذه المسألة والفتيا فيها ( المسألة الثانية )

قال عبد الحق في تهذيب الطالب الحالف بعزة الله تعالى وعظمته وجلال الله عليه كفارة واحدة .

وهو متجه في إيجاب الكفارة واتحادها لا في الجواز وعدم النهي مع أنه لم يتعرض له لعدم النهي بل للزوم كفارة أما لزوم الكفارة فلما تقدم من أن هذه الألفاظ مشتملة على الموجب وعلى غير الموجب فتجب وأما اتحادهما فلأن العظمة والجلال والعلا ونحو ذلك هو المجموع والمجموع واحد فتعددت الألفاظ واتحد المعنى فاتحدت الكفارة وأما أنه دخل فيه النهي فلاندراج المحدثات فيه كما تقدم بيانه فيكون قد حلف بقديم ومحدث ففعل مأمورا به ومنهيا عنه ومن فعل مأمورا به ومنهيا عنه فقد ارتكب المنهي عنه وهذا ظاهر إلا أن ينوي الحالف بهذه الألفاظ القديم وحده فلا نهي حينئذ أو يكون هناك عرف اقتضى تخصيص هذه الألفاظ بالقديم خاصة فلا نهي حينئذ أما مجرد اللفظ اللغوي فموجب لاندراج المحدث مع القديم ( المسألة الثالثة )

أن هذه الصفات تارة تكون بلفظ التذكير كقولنا وجلال الله وعلاء الله وتارة تكون بلفظ التأنيث كقولنا وعزة الله وعظمة الله فأما لفظ التذكير فلا كلام فيه هاهنا وأما لفظ التأنيث بالهاء فإنه مشعر بشيء واحد مما يصدق عليه ولذلك تفرق العرب بين قول القائل عز زيد عزا وعز عزة فالأول يحتمل جميع أنواع العز مفردة ومجموعة فإذا وجدت الإضافة أو الألف واللام الموجبتين العموم كان العموم في جميع أفراد ذلك النوع وإن فقدت الإضافة والألف واللام بقي مطلقا وأما اللفظ الثاني وهو عز زيد [ ص: 56 ] عزة فإنه لا يتناول لغة إلا فردا واحدا من العزة إما بماله أو بجاهه أو بسطوته أو بغير ذلك من أسباب العزة وإن كان موضوعه لغة فردا واحدا من العزة وأضيفت إلى الله تعالى لم يتعين العموم فيه فاحتمل المحدث فإن العزة تصدق بالمحدث أيضا من جهة أن العزيز هو الذي امتنع من نيل المكاره والعزيز أيضا هو الذي لا نظير له وقد ذكر العلماء المعنيين في تفسير اسمه تعالى العزيز ولا شك أنه تعالى لا نظير له في مبتدعاته ومخلوقاته .

فإن كانت العزة من هذه الجهة كان فيها إشارة إلى المخلوقات المحدثات فلا تجب الكفارة ولهذه الإشارة ، نقل صاحب اللباب في شرح الجلاب عن مالك في الحلف بعزة الله تعالى هل توجب كفارة أم لا فيه روايتان لأجل التردد في لفظ العزة وأما لفظ العظمة فإن بينه وبين لفظ العزة فرقا فإن العرب تقول عظم زيد عظمة في غالب استعمالهم فكأنه هو المصدر المتعين دون عظما بغير تاء التأنيث وأما عز عزا فمشهور ولا ينطق بهاء التأنيث إلا إذا قصدت الوحدة نحو ضرب ضربة فلا يتناول إلا ضربة واحدة كذلك عزة لا يتناول إلا عزة واحدة فإذا أضيف لا يكون المضاف عاما بل فردا واحدا غير معين وقد قال الغزالي في المستصفى إن اللام في هذا الجنس لا تفيد تعميما بل إنما تفيد اللام التعريف تعميما فيما ليس محدودا بالتاء نحو الرجل والبيع فكذلك لا تفيده الإضافة عموما اعتبارا فاللام التعريف ، والجامع بينهما أنهما أداتا تعريف فهذا بحث يمكن أن يلاحظ في هذا الموضع والله أعلم

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

قال ( القسم الخامس من صفات الله تعالى الصفات الجامعة لجميع ما تقدم من الأقسام الأربعة وهي عز الله وجلاله وعلاه وعظمته وكبرياؤه ونحو ذلك من هذا المعنى فإنك تقول جل بكذا وجل عن كذا فتندرج في الأول الصفات الثبوتية كلها قديمة ومحدثة ) قلت هذا لفظ مستنكر فإنه يوهم اتصافه بالحوادث فلا يجوز إطلاق مثله فإن أراد مقتضى ظاهره فهو كفر وإن أراد بذلك الصفات المسميات بصفات الأفعال فالمعنى صحيح واللفظ قبيح قال ( فكما جل الله تعالى بعلمه وصفاته السبعة التي هي صفات ذاته تعالى جل أيضا ببدائع مصنعاته [ ص: 53 ] وغرائب مخترعاته ) .

قلت هذا الكلام أقبح وفي الكفر أوضح فإنه يقتضي افتقار الباري تعالى إلى بدائع مصنوعاته وغرائب مخترعاته فيزداد كمالا بوجودها وذلك باطل قطعا بل هو الغني على الإطلاق وحائز غاية الكمال بالاستحقاق قبل ابتداع المبتدعات واختراع المخترعات حتى أنه لو لم يبتدع المبتدعات ولم يخترع المخترعات لما كان ذلك نقصا في كماله ولا غضا من جلاله ولا حطا عن رتبة انفراده بالعظمة والكبرياء واستقلاله وما ذلك الكلام إلا كلام من لم يحصل علم الكلام بل علم الاعتقاد على وجه الصواب والسداد ولله الحمد على ما من به من الهدى والإرشاد قال ( ويندرج في الثاني جميع السلوب للنقائص إلى قوله وهاهنا ثلاث مسائل ) قلت ما قاله في ذلك صحيح إلا ما في قوله القديمة والمحدثة كما تقدم .

قال ( إذا قال القائل سبحان من تواضع كل شيء لعظمته هل يجوز هذا الإطلاق أم لا فقال بعض فقهاء العصر لا يجوز هذا الإطلاق إلى قوله وقال قوم يجوز هذا الإطلاق وهو الصحيح ) قلت ما صحح هو الصحيح لأن العظمة كما سبق جامعة لصفات الكمال والتواضع التصاغر والتضاؤل ولا شك أن كل شيء ما عدا الذات الكريمة والصفات العظيمة متصاغر متضائل بالنسبة إلى تلك الصفات وقول ذلك الفقيه العصري إن التواضع عبادة ليس بصحيح وهو دعوى عرية عن الحجة فلا اعتبار بقوله قال شهاب الدين [ ص: 54 ]

( وعظمة الله تعالى هي المجموع من الذات والصفات وهذا المجموع هو المعبود إلى قوله وهو الذي يجب التواضع له ) قلت ليس ما قاله هنا بصحيح فإن العظمة ليست مجموع الذات والصفات بل هي مجموع الصفات على ما سبق من تقريره هو ذلك قبل هذا وعلى تسليم أن تكون العظمة مجموع الذات والصفات فليس المجموع هو المعبود بل المعبود الموصوف بتلك الصفات لا الصفات ولا مجموع الموصوف والصفات والقول بأن المعبود مجموع الموصوف والصفات مضاه لقول النصارى في الأقاليم وهو باطل لا شك في بطلانه وكلامه هنا كلام من لم يحقق مباحث هذا العلم على وجه الصواب .

قال ( كما تقول عظمة الملك جيشه وأمواله إلى قوله في دولته ) قلت لا يسوغ مثل هذا التمثيل فإن الملك مفتقر على الإطلاق والله تعالى مستغن على الإطلاق فكيف يصح التمثيل .

قال ( كذلك عظمة الله تعالى هي هذه الأمور كلها مع ذاته تعالى فهي أيضا من موجبات عظمته ) قلت هذا كلام غث لا يصدر إلا عن جهل بهذا العلم وكيف يصح أن تكون الذات من موجبات العظمة والعظمة مجموع الذات والصفات فالذات على هذا موجبة للذات وكيف يكون الشيء الواحد موجبا وموجبا هذا كله تخليط فاحش .

قال ( فإن أراد المطلق هذا المعنى أو لم تكن له نية فلا شيء عليه ) قلت بل عليه شيء وهو أنه مخطئ في ذلك حيث اعتقد أن الذات من مقتضيات العظمة قال ( وإن أراد صفة واحدة من صفات الله تعالى إلى قوله وهو الظاهر ) قلت ما حكم بأنه ظاهر هو كما قال .

قال ( وإن أراد بالتواضع غير العبادة إلى قوله بل يجب اعتقاده ) قلت ما قاله في ذلك صحيح [ ص: 55 ]

قال ( فهذا تلخيص الحق في هذه المسألة والفتيا فيها ) قلت قد تبين تلخيص الحق في المسألة على غير الوجه الذي زعم والله أعلم قال ( المسألة الثانية قال عبد الحق في تهذيب الطالب الحالف بعزة الله تعالى وعظمته وجلاله عليه كفارة واحدة إلى آخر المسألة ) قلت لا يندرج حادث تحت لفظ العزة ونحوه فما أشعر به كلامه بأن عبد الحق أغفل التنبيه عليه ليس الأمر كذلك فلا محذور في اليمين بعزة الله تعالى ونحو ذلك فبحق إن أعرض عن ذلك عبد الحق والله أعلم .

قال ( المسألة الثالثة أن هذه الصفات تارة تكون بلفظ التذكير وتارة تكون بلفظ التأنيث إلى آخرها ) قلت الصحيح على ما سبق أن لفظ العزة ونحوها لا يتناول محدثا فلا يصح ما قاله في لفظ العزة من احتماله المحدث وما حكاه عن صاحب اللباب من نقله عن مالك رحمه الله تعالى في لزوم الكفارة للحالف بذلك روايتين ليس مدرك اختلاف قوله عندي ما ذكره الشهاب من احتمال المحدث بل المدرك عندي احتمال لفظ العزة أن يكون مدلوله أمرا ثبوتيا وأمرا سلبيا فإنه عز بصفات كماله الثبوتية كما عز بصفات تنزيهه السلبية والله أعلم .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( والقسم الخامس منها ) أعني صفات الله تعالى الجامعة لجميع ما تقدم من الأقسام الأربعة وهي عزة الله وجلاله وعلاه وعظمته وكبرياؤه ونحو ذلك من هذا المعنى فإن لفظ الجلالة والعظمة يحتمل جل بكذا وجل عن كذا وعظم بكذا وعظم عن كذا فتندرج في الأولى الصفات الثبوتية كلها نفسية كانت أو معنوية أو فعلية وتندرج في الثانية جميع السلوب للنقائص فيصدق أن الله تعالى جل وعظم عن الشريك وعن الحيز والجهة وغير ذلك مما يستحيل عليه سبحانه وتعالى فيندرج في اللفظ عند الإطلاق جميع الصفات السلبية والثبوتية نفسية كانت أو معنوية أو فعلية فيكون الحلف بها يوجب الكفارة لاشتمالها على الموجب لها وهو ما عدا الفعلية من الصفات القديمة وغير الموجب وهو صفة الفعل وإذا اجتمع الموجب وغير الموجب كان اللازم الإيجاب لا يمنع الموجب للكفارة من إيجابه للكفارة وها هنا ثلاث مسائل .

( المسألة الأولى ) : هل يجوز قول قائل [ ص: 75 ] سبحان من تواضع كل شيء لعظمته أم لا قال قوم من الفقهاء يجوز وهو الصحيح لأن العظمة كما سبق عبارة جامعة لصفات الكمال والتواضع التصاغر والتضاؤل ولا شك أن كل شيء ما عدا الذات الكريمة والصفات العظيمة متصاغر متضائل بالنسبة إلى تلك الصفات وقول بعضهم بعدم الجواز بناء على زعمه أن التواضع عبادة وعظمة الله تعالى صفته وعبادة الصفة كفر ليس بصحيح بل هو دعوى عرية عن الحق فلا اعتبار بقوله أفاده ابن الشاط وفي حاشية العلامة الأمير على الجوهرة وتكون صفات المعاني ليست غيرا وقع في بعض العبارات التسمح بإضافة ما للذات بها نحو تواضع كل شيء لقدرته وفي الحقيقة اللام للأجل أي تواضع كل شيء لذاته لأجل قدرته وإلا فعبادة مجرد الصفات من الإشراك كما أن عبادة مجرد الذات فسق وتعطيل عند الجماعة وإنما الذات المتصفة بالصفات ا هـ فقد حمل التواضع على العبادة مجازا لا على معناه الحقيقي وجعل اللام للأجل لتكون العبادة للذات المتصفة فاستقامت العبادة واندفع عنها كل إشكال فتأمل

( المسألة الثانية ) : قال عبد الحق في تهذيب الطالب الحالف بعزة الله تعالى وعظمته وجلال الله عليه كفارة واحدة وهو متجه في إيجاب الكفارة واتحادها بل وفي الجواز وعدم النهي خلافا للأصل أما لزوم الكفارة فلما تقدم من أن هذه الألفاظ مشتملة على الموجب وعلى غير الموجب فتجب عملا بالموجب وأما اتحادها فلأن العزة والعظمة والجلال ونحو ذلك هو المجموع والمجموع واحد فتعددت الألفاظ واتحد المعنى فاتحدت الكفارة وأما الجواز وعدم النهي فلأنا لا نسلم اندراج حادث تحت لفظ العزة ونحوه حتى يكون في اليمين بذلك محذور فيحق لعبد الحق أن يعرض عن النهي والله أعلم أفاده ابن الشاط فتأمل بدقة .

( المسألة الثالثة ) : هذه الألفاظ وإن كانت تارة بلفظ التذكير كقولنا وجلال الله وعلاء الله وتارة بلفظ التأنيث كقولنا وعزة الله وعظمة الله إلا أنه لا فرق بين ما هو بلفظ التذكير وما هو بلفظ التأنيث في جواز الحلف وانعقاد اليمين ولزوم الكفارة عند الحنث [ ص: 76 ] أما ما هو بلفظ التذكير فظاهر وأما ما هو بلفظ التأنيث فلأن التاء في نحو عظمة الله ليست للوحدة بل للتأنيث فإن العرب تقول عظم زيد عظمة في غالب استعمالهم فكأنه هو المصدر المتعين دون عظما بغير تاء التأنيث فحينئذ لم يكن محدودا فيقيد بالألف واللام أو الإضافة العموم لصفات الكمال والتاء في نحو عزة الله وإن أفادت الوحدة نظرا لكون العرب تفرق بين قول القائل عز زيد عزا وعز عزة فالأول يحتمل جميع أنواع العز مفردة ومجموعة فإذا وجدت الإضافة أو الألف واللام الموجبتين للعموم كان العموم في جميع أفراد ذلك النوع وإن فقدت الإضافة والألف واللام بقي مطلقا وأما اللفظ الثاني وهو عز زيد عزة فإنه لا يتناول لغة إلا فردا واحدا من العزة ولا تفيده الألف واللام تعميما لأنه محدود بالتاء وقد قال الغزالي في المستصفى إن لام التعريف إنما تفيد تعميما فيما ليس محدودا بالتاء نحو الرجل والبيع ا هـ

فكذلك لا تفيده الإضافة عموما لأن الإضافة تأتي لما تأتي له الألف واللام لأنهما أداتا تعريف إلا أن الصحيح أن لفظ العزة ونحوه لا يتناول محدثا كما قال ابن الشاط لأنه إنما يتناول صفة كمال قديمة وشموله صفة الفعل على ما مر إنما هو باعتبار مصدرها الذي هو القدرة أو التقدير لا باعتبار حدوثها لاستحالة اتصافه تعالى بها فضلا عن أن تكون صفة كمال يتناولها لفظ العزة وليس المدرك فيما نقله صاحب اللباب في شرح الجلاب عن مالك في الحلف بعزة الله تعالى هل يوجب كفارة أم لا فيه روايتان ا هـ

هو تردد العزة بين القديم والمحدث كما زعم الأصل بل المدرك كما قال ابن الشاط هو احتمال لفظ العزة أن يكون مدلوله أمرا ثبوتيا أو أمرا سلبيا فإنه عز بصفاته الثبوتية كما عز بصفات تنزيهه السلبية فافهمه والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية