الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        7299 - حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا روح ، عن ابن عون ، عن محمد ، بنحوه .

                                                        فهذا أكثر من روينا عنه من التابعين قد وافق قوله قول ابن مسعود رضي الله عنه .

                                                        ولما اختلف في التكبير في صلاة العيدين هذا الاختلاف ، أردنا أن ننظر في ذلك لنستخرج من أقاويلهم هذه قولا صحيحا .

                                                        فنظرنا في ذلك فلم يرو عن أحد منهم أنه فرق بين الصلاة في الفطر والأضحى غير علي رضي الله عنه ، وكانت صلاة الفطر وصلاة النحر صلاتي عيد مفعولتين لمعنى واحد ، وهما مستويتان في ركوعهما وسجودهما .

                                                        فكان النظر أن يكونا سواء ، لا اختلاف بين إحداهما وبين الأخرى في سائر حكمهما .

                                                        فثبت بما ذكرنا التسوية بين الصلاتين في يوم النحر ويوم الفطر .

                                                        ثم نظرنا في عدد التكبير فيهما فرأينا سائر الصلوات خالية من هذا التكبير ، ورأينا صلاة العيدين قد أجمع أن فيهما تكبيرات زائدة على غيرهما من الصلوات .

                                                        فكان النظر أن لا يزاد في الصلاة للعيدين على ما في سائر الصلوات غيرهما ، إلا ما اتفق على زيادته ، فكل قد أجمع على زيادة التسع تكبيرات على ما ذهب إليه ابن مسعود ، وحذيفة ، وابن عباس ، وأبو موسى ، ومن سمعنا معهم رضي الله عنهم .

                                                        واختلفوا في الزيادة على ذلك فزدنا في هذه الصلاة ما اتفق على زيادته فيها ، ونفينا عنها ما لم يتفق على زيادته فيها .

                                                        فثبت بذلك ما ذهب إليه أهل هذه المقالة .

                                                        ثم نظرنا في موضع القراءة منها ، فقال الذين ذهبوا إلى أنها في الركعة الأولى بعد التكبير ، وفي الثانية كذلك : قد رأيناكم قد اتفقتم ونحن ، أن القراءة في الركعة الأولى مؤخرة عن التكبير ، فالنظر أن تكون في الثانية كذلك .

                                                        فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأخرى أن التكبير ذكر يفعل في الصلاة وهو غير القراءة .

                                                        فنظرنا في موضع الذكر من الركعة الأولى من الصلاة ، ومن الركعة الثانية ، أين موضعه ؟

                                                        فوجدنا الركعة الأولى فيها الاستفتاح والتعوذ على ما قد روينا في غير هذا الموضع من كتابنا هذا [ ص: 351 ] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمن رويناه عنه من أصحابه رضي الله عنهم ، فكان ذلك في أول الصلاة قبل القراءة .

                                                        فثبت بذلك أن كذلك موضع التكبير في صلاة العيدين في الركعة الأولى ، هو ذلك الموضع منها .

                                                        ووجدنا القنوت في الوتر يفعل في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر ، فكل قد أجمع أنه بعد القراءة ، وأن القراءة مقدمة عليه .

                                                        وإنما اختلفوا في تقديم الركوع عليه ، وفي تقديمه على الركوع .

                                                        فأما في تأخيره عن القراءة ، فلا .

                                                        فثبت بذلك أن موضع التكبير من الركعة الآخرة من صلاة العيد ، هو بعد القراءة ، يستوي موضع سائر الذكر في الصلوات ، ويكون موضع كل ما اختلفوا في موضعه منه ، كموضع ما قد أجمع على موضعه .

                                                        وكل ما بينا في هذا الباب ، فهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية