الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفيها غاية المراءاة إذا صدرت ممن يرائي بها، وفيها غاية الترغيب إذا صدرت ممن يقتدى به؛ فذلك على قصد الاقتداء جائز للأقوياء بالشروط التي ذكرناها، فلا ينبغي أن يسد باب إظهار الأعمال، والطباع مجبولة على حب التشبه والاقتداء، بل إظهار المرائي للعبادة إذا لم يعلم الناس أنه رياء فيه خير كثير للناس، ولكنه شر للمرائي، فكم من مخلص كان سبب إخلاصه الاقتداء بمن هو مراء عند الله! وقد روي أنه كان يجتاز الإنسان في سكك البصرة عند الصبح، فيسمع أصوات المصلين بالقرآن من البيوت فصنف بعضهم كتابا في دقائق الرياء فتركوا ذلك، وترك الناس الرغبة فيه، فكانوا يقولون: ليت ذلك الكتاب لم يصنف فإظهار المرائي فيه خير كثير لغيره إذا لم يعرف رياؤه؛ وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ، وبأقوام لا خلاق لهم ، كما ورد في الأخبار ، وبعض المرائين ممن يقتدى به منهم والله تعالى أعلم .

التالي السابق


(وفيها غاية المراءاة إذا صدرت ممن يرائي بها، وفيها غاية الترغيب إذا صدرت ممن يقتدى به؛ فذلك على قصد الاقتداء جائز للأقوياء) القادرين على أنفسهم، المخلصين في قصودهم (بالشروط التي ذكرناها، فلا ينبغي أن يسد باب إظهار الأعمال) على مظهريها .

(والطباع مجبولة على حب التشبه والاقتداء) بذوي الصلاح في أعمالهم، وكيفية سلوكهم وآدابهم (بل إظهار المرائي للعبادة إذا لم يعلم الناس أنه رياء فيه خير كثير للناس، ولكنه شر للمرائي، فكم من مخلص كان سبب إخلاصه الاقتداء بمن هو مراء عند الله!

وقد روي أنه كان يجتاز) أي: يمر (الإنسان في سكك البصرة عند الصبح، فيسمع أصوات المصلين بالقرآن من البيوت) وكأن المراد به صلاة الليل، فقوله عند الصبح، أي: بالقرب من طلوعه (فصنف بعضهم كتابا في) التصوف وذكر فيه جملة من (دقائق الرياء) وخفاياها فطالعوه وسمعوه (فتركوا ذلك) خوفا من أن يدخل فيه الرياء الخفي (وترك الناس الرغبة فيه، فكانوا يقولون: ليت ذلك الكتاب لم يصنف) نقله صاحب القوت .

(وإظهار المرائي فيه خير كثير لغيره إذا لم يعرف رياؤه؛ فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم، كما ورد) ذلك (في الأخبار، وبعض المرائين ممن يقتدى به منهم) .

قال العراقي: هما حديثان، فالأول عليه من حديث أبي هريرة، وقد تقدم في العلم، والثاني رواه النسائي من حديث أنس بسند صحيح، وقد تقدم أيضا. اهـ .

قلت: وروى الطبراني من حديث عمرو بن النعمان بن مقرن: "إن الله تعالى ليؤيد الدين بالرجل الفاجر".

وروى ابن النجار من حديث كعب بن مالك: "إن الله ليؤيد الدين بقوم لا خلاق لهم".

وروى الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو: "إن الله -عز وجل- ليؤيد الإسلام برجال ما هم من أهله" وقد تقدم الكلام عليه .




الخدمات العلمية