الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : قل إني على بينة من ربي ؛ [ ص: 256 ] أي : على أمر بين؛ لا متبع هوى؛ وكذبتم به ؛ هذه الهاء كناية عن البيان؛ أي : وكذبتم بالبيان؛ لأن البينة والبيان في معنى واحد؛ ويكون " وكذبتم به " ؛ أي : بما أتيتكم به؛ لأنه هو البيان؛ وقوله : ما عندي ما تستعجلون به ؛ والذي استعجلوا به الآيات التي اقترحوها عليه؛ فأعلم - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك عند الله؛ فقال : " إن الحكم إلا لله يقض الحق وهو خير الفاصلين " ؛ هذه كتبت ههنا بغير ياء على اللفظ؛ لأن الياء أسقطت لالتقاء الساكنين؛ كما كتبوا : سندع الزبانية ؛ بغير واو؛ وقرئت : " يقص الحق " ؛ وقرأ ابن عباس " يقضي بالحق " ؛ إلا أن القراء لا يقرؤون " يقضي بالحق " ؛ لمخالفة المصحف؛ و " يقضي الحق " ؛ فيه وجهان؛ جائز أن يكون " الحق " ؛ صفة للمصدر؛ المعنى : يقضي القضاء الحق؛ ويجوز أن يكون " يقضي الحق " : يصنع الحق؛ أي : كل ما صنعه - عز وجل - فهو حق؛ وحكمة؛ إلا أن وهو خير الفاصلين ؛ يدل على معنى القضاء الذي هو الحكم؛ فأما " قضى " ؛ في معنى " صنع " ؛ فمثله قول الهذلي :


                                                                                                                                                                                                                                        وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 257 ] أي : صنعهما داود؛ ومن قرأ : " يقص الحق " ؛ فمعناه أن جميع ما أنبأ به؛ وأمر به؛ فهو من أقاصيص الحق.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية