الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( نساؤكم حرث لكم ) الآية [ 223 ] .

                                                                                                                                                                  141 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا حاجب بن أحمد ، حدثنا عبد الرحيم بن منيب ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته من دبرها في قبلها : إن الولد يكون أحول ، فنزل ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) . رواه البخاري ، عن أبي نعيم . ورواه مسلم ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن سفيان .

                                                                                                                                                                  142 - أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الخلالي ، أخبرنا عبد الله بن زيد البجلي ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن مسلم ، عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحة الكتاب إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه فأسأله عنها ، حتى انتهى إلى هذه الآية : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال ابن عباس : إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء [ بمكة ] ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة ، فأنكرن ذلك وقلن : هذا شيء لم نكن نؤتى عليه . فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى في ذلك : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) قال : إن شئت مقبلة ، وإن شئت مدبرة ، وإن شئت باركة ، وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث . يقول : ائت الحرث حيث شئت . رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي زكريا العنبري ، عن محمد بن عبد السلام ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن المحاربي .

                                                                                                                                                                  [ ص: 40 ] 143 - أخبرنا سعيد بن محمد الحياني ، أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه ، حدثنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن جعد ، حدثنا شعبة ، عن محمد بن المنكدر ، سمعت جابرا قال : قالت اليهود : إن الرجل إذا أتى امرأته باركة كان الولد أحول ، فأنزل الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم ) الآية .

                                                                                                                                                                  144 - أخبرنا سعيد بن محمد الحياني ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون ، أخبرنا أحمد بن الحسن بن الشرقي ، أخبرنا أبو الأزهر ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبو كريب قال : سمعت النعمان بن راشد [ يحدث عن الزهري ] عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قالت اليهود : إذا نكح الرجل امرأته مجبية جاء ولدها أحول ، فنزلت : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) إن شاء مجبية ، وإن شاء غير مجبية ، غير أن ذلك في صمام واحد . رواه مسلم عن هارون بن معروف ، عن وهب بن جرير . قال الشيخ أبو حامد بن الشرقي : هذا حديث جليل يساوي مائة حديث ، لم يروه عن الزهري إلا النعمان بن راشد .

                                                                                                                                                                  145 - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، حدثنا أبو علي ، حدثنا زهير ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا يعقوب القمي ، حدثنا جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : هلكت . فقال : وما الذي أهلكك ؟ قال : حولت رحلي الليلة ، قال : فلم يرد عليه شيئا ، فأوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه الآية : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) يقول : أقبل وأدبر ، واتق الدبر والحيضة .

                                                                                                                                                                  146 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني ، حدثنا عبد الله بن محمد الحافظ ، حدثنا أبو يحيى الرازي ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا المحاربي عن ليث ، عن أبي صالح ، عن سعيد بن المسيب : أنه سئل عن قوله : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) قال : نزلت في العزل .

                                                                                                                                                                  147 - وقال ابن عباس في رواية الكلبي : نزلت في المهاجرين لما قدموا المدينة ذكروا إتيان النساء فيما بينهم ، والأنصار واليهود من بين أيديهن ومن خلفهن ، إذا كان المأتي واحدا في الفرج ، فعابت اليهود ذلك إلا من بين أيديهن خاصة ، وقالوا : إنا لنجد في كتاب الله التوراة أن كل إتيان يؤتى النساء غير مستلقيات دنس عند الله ومنه يكون الحول والخبل . فذكر المسلمون ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : إنا كنا في الجاهلية وبعد ما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا . وإن اليهود عابت علينا ذلك وزعمت لنا كذا وكذا . فأكذب الله تعالى اليهود ونزل عليه يرخص لهم : ( نساؤكم حرث لكم ) يقول : الفرج مزرعة للولد ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) يقول : كيف شئتم ، من بين يديها ومن خلفها في الفرج .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية