الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في لبس الحرير

                                                                      4040 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد تباع فقال يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر بن الخطاب أخا له مشركا بمكة حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس وعمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه بهذه القصة قال حلة إستبرق وقال فيه ثم أرسل إليه بجبة ديباج وقال تبيعها وتصيب بها حاجتك

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( رأى حلة سيراء ) : بسين مهملة مكسورة ثم ياء مثناة من تحت مفتوحة ثم راء ثم ألف ممدودة . قال النووي : ضبطوا الحلة هاهنا بالتنوين على أن سيراء صفة وبغير تنوين على الإضافة وهما وجهان مشهوران ، والمحققون ومتقنوا العربية يختارون الإضافة .

                                                                      قال سيبويه لم تأت فعلاء صفة وأكثر المحدثين ينونون . قالوا هي برود يخالطها حرير وهي مضلعة بالحرير ، وكذا قاله الخليل والأصمعي وآخرون قالوا كأنها شبهت خطوطها بالسيور . وقال ابن شهاب : مضلعة بالقز وقيل إنها حرير محض . وقد ذكر مسلم في الرواية الأخرى ( حلة من إستبرق ) وفي الأخرى من ديباج أو حرير ، وفي رواية حلة سندس ، فهذه الألفاظ تبين أن الحلة كانت حريرا محضا وهو الصحيح الذي يتعين القول به في هذا الحديث جمعا بين الروايات ، والحلة لا تكون إلا ثوبين وتكون غالبا إزارا ورداء انتهى باختصار يسير .

                                                                      ( عند باب المسجد تباع ) : وكانت تلك الحلة لعطارد التميمي كساه إياها كسرى ( وللوفود ) : وفي رواية عند مسلم لوفود العرب .

                                                                      قال الحافظ : وكأنه خصه بالعرب لأنهم كانوا إذ ذاك الوفود في الغالب لأن مكة لما فتحت بادر العرب بإسلامهم فكان كل قبيلة ترسل كبراءها ليسلموا ويتعلموا ويرجعوا إلى قومهم فيدعوهم إلى الإسلام ويعلموهم ( من لا خلاق له ) : أي لا حظ له أو لا نصيب له ( ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : بالنصب ( منها حلل ) [ ص: 70 ] : بالرفع على الفاعلية ( فأعطى ) : أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وقد قلت في حلة عطارد ) : هو صاحب الحلة ابن حاجب التميمي ( ما قلت ) : ما موصولة ، وجملة ( وقد قلت ) حالية ( أخا له مشركا بمكة ) وعند النسائي أخا له من أمه ، وسماه ابن بشكوال عثمان بن حكيم قاله القسطلاني .

                                                                      والحديث يدل على تحريم الحرير على الرجال وإباحته للنساء وجواز إهداء المسلم إلى المشرك ثوبا وغيره .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وهذا الأخ الذي كساه عمر كان أخاه من أمه وقد جاء ذلك مبينا في كتاب النسائي ، وقيل إن اسمه عثمان بن حكيم ، فأما أخوه زيد بن الخطاب ، فإنه أسلم قبل عمر رضي الله عنهما . ( حلة إستبرق ) : بكسر الهمزة هو ما غلظ من الحرير ( ثم أرسل إليه ) : أي إلى عمر رضي الله عنه ( بجبة ديباج ) : بكسر الدال هو ما رق من الحرير ( وتصيب بها ) أي تصيب بثمنها .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية