الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              381 388 - حدثنا إسحاق بن نصر قال: حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن المغيرة بن شعبة قال: وضأت النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح على خفيه وصلى. [انظر: 182 - مسلم: 274 - فتح: 1 \ 495] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث جرير والمغيرة في المسح على الخفين.

                                                                                                                                                                                                                              أما حديث جرير فساقه من حديث إبراهيم عن همام بن الحارث قال: رأيت جرير بن عبد الله بال ثم توضأ، ومسح على خفيه، ثم قام فصلى، فسئل، فقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صنع مثل هذا. قال إبراهيم: فكان يعجبهم؛ لأن جريرا كان من آخر من أسلم.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث أخرجه مسلم أيضا، ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.

                                                                                                                                                                                                                              ورواه أيضا أبو داود من جهة بكر بن عاصم عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير بلفظ أن جريرا بال ثم توضأ فمسح على الخفين، وقال: ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح؟ قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة. قال: ما أسلمت إلا بعد نزول [ ص: 395 ] المائدة. ورواه الطبراني في "معجمه الأوسط" من حديث ربعي بن حراش، عنه قال: وضأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسح على خفيه بعد ما نزلت سورة المائدة. ثم قال: لم يروه عن حماد بن أبي سليمان عن ربعي إلا ياسين الزيات، تفرد به عبد الرزاق، وياسين متكلم فيه.

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية له من حديث محمد بن سيرين عنه أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبرز، فرجع فتوضأ ومسح على خفيه. ثم قال: لم يروه عن محمد بن سيرين إلا خالد الحذاء، ولا عن خالد إلا حرب بن سريج، تفرد به شيبان بن فروخ.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فقال إبراهيم) إلى آخره، وفي رواية أخرى: فكان أصحاب عبد الله يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة.

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية: قال الأعمش: قال إبراهيم. وفي "سنن البيهقي": عن إبراهيم بن أدهم قال: ما سمعت في المسح على الخفين أحسن من حديث جرير بن عبد الله، وكان إعجابهم لذلك؛ لأن الله تعالى قال في سورة المائدة فاغسلوا وجوهكم إلى قوله: إلى الكعبين [المائدة: 6] فلو كان إسلام جرير متقدما على نزول المائدة لاحتمل كون حديث جرير في مسح الخف منسوخا بآية المائدة، فلما كان إسلامه متأخرا علم أن حديثه يعمل به، وهو يبين أن المراد بآية المائدة غير صاحب الخف، فتكون السنة مخصصة للآية.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 396 ] وأما حديث المغيرة فأخرجه من طريق مسروق عنه: وضأت النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح على خفيه وصلى.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث سيأتي في الصلاة والجهاد واللباس أيضا، وأخرجه مسلم أيضا، وقد سلف فقه الباب في بابه. وهذا الباب كالباب الذي قبله فيه تخمير الرجلين ومشروعية الصلاة في الخفاف، ولا شك في ذلك إذا كانت طاهرة، فإن كان فيهما (...) النعل، وقد أوضحناه في الباب قبله.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية